المسألة الثانية: أن الصغائر هل تجبُ التوبةُ منها كالكبائرِ أم لا؟ لأنها تقع مكفرةً باجتناب الكبائر، لقوله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}[النساء: ٣١]. هذا ممَّا اختلف الناسُ فيه.
فمنهم من أوجب التوبة منها، وهو قولُ أصحابنا وغيرهم من الفقهاء والمتكلمين وغيرهم.
ومن الناس من لم يُوجب التوبة منها، وحكي في طائفةٍ من المعتزلة ومن المتأخرين من قال: يجبُ أحدُ أمرين، إما التوبة منها، أو الإتيانُ ببعض المكفِّرات للذُّنوب من الحسنات.
وحكى ابنُ عطية في "تفسيره" في تكفير الصَّغائر بامتثالِ الفرائض واجتناب الكبائر قولين:
أحدهما - وحكاه عن جماعة من الفقهاء وأهل الحديث -: أنَّه يُقطع بتكفيرها بذلك قطعًا، لظاهر الآية والحديث.
والثاني - وحكاه عن الأصوليين -: أنه لا يُقطع بذلك، بل يُحمل على غلبة الظنِّ وقوَّة الرجاء، وهو في مشيئة الله عزَ وجل، إذ لو قطع بتكفيرها، لكانتِ