للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يقول: مهما ينزل بامرئٍ شدَّةٌ يجعل الله بعدها فرجًا، وإنه لن يَغلِبَ عسرٌ يُسرين، وإنه يقول: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠] (١).

ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليُسر بالعسر: أن الكربَ إذا اشتدَّ وعَظُمَ وتناهى، حصل للعبد الإِياسُ من كَشفه من جهة المخلوقين، وتعلق قلبُه بالله وحده، وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله، وهو من أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ، فإن الله يكفي من توكَّل عليه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].

وروى آدمُ بنُ أبي إياس في تفسيره بإسناده عن محمد بن إسحاق قال: جاء مالكٌ الأشجعي إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أُسِرَ ابني عوفٌ، فقال له: "أرسل إليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُكَ أن تُكثِرَ من قول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله" فأتاه الرسولُ فأخبره، فأكبَّ عوفٌ يقول: لا حولَ ولا قوَّة إلَّا بالله، وكانوا قد شدُّوه بالقِدِّ (٢) فسقط القِدُّ عنه، فخرج فإذا هو بناقةٍ لهم فركبها، فأقبل فإذا هو بسَرحِ القوم الَّذين كانوا شدُّوه، فصاح بهم، فاتبع آخرُها أوَّلها، فلم يفجأ أبويه إلَّا وهو ينادي


= في "الكبير" (١٩٩٧٧) وإسناده ضعيف، وانظر "مجمع الزوائد" ٧/ ١٣٩. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في "الشعب".
(١) ورواه ابن أبي شيبة ٥/ ٣٣٥ و ١٣/ ٣٧ - ٣٨، وابن المبارك في "الجهاد" (٢١٧)، ومن طريقه الحاكم ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١ عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. ورواه مالك ٢/ ٤٤٦، ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (٨٣٩٣) عن زيد بن أسلم، قال: كتب أبو عبيدة، ولم يذكر زيد بن أسلم عن أبيه.
(٢) القد: وتر القوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>