للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّ لي الدُّنيا كلَّها مِنْ أوَّلها إلى آخرها حلالًا، وأنا أنفقُها في سبيل الله، وانها شغلتني عَنِ اللهِ طرفةَ عينٍ.

وقال أبو سليمان: الزهد ترك ما يشغل عن الله (١). وقال: كلُّ ما شغلك عن اللهِ مِنْ أهلٍ ومالٍ وولدٍ، فهو مشؤوم (٢).

وقال: أهلُ الزُّهد في الدنيا على طبقتين: منهم من يزهدُ في الدُّنيا، فلا يُفتَحُ له فيها روح الآخرة، ومنهم من إذا زَهِدَ فيها، فُتِحَ له فيها روحُ الآخرة، فليس شيءٌ أحبَّ إليه من البقاء ليطيع الله (٣).

وقال: ليس الزاهد من ألقى همومَ الدُّنيا، واستراح منها، إنَّما الزَّاهد من زَهِدَ في الدُّنيا، وتعب فيها للآخرة (٤).

فالزُّهد في الدُّنيا يُرادُ به تفريغُ القلب مِنَ الاشتغال بها، ليتفرَّغ لِطلب الله، ومعرفته، والقرب منه، والأُنس به، والشَّوقِ إلى لقائه، وهذه الأمورُ ليست مِنَ الدُّنيا كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حُبِّبَ إلي من دُنياكم النِّساءُ والطِّيبُ، وجُعلت قرَّةُ عيني في الصَّلاة" (٥)، ولم يجعل الصَّلاةَ ممَّا حُبِّبَ إليه مِنَ الدُّنيا، كذا في "المسند" و"النسائي"، وأظنُّه وقع في غيرهما: "حبِّبَ إليَّ من دنياكم ثلاث" (٦)، فأدخل الصَّلاة في الدُّنيا، ويشهدُ لذلك حديث: "الدُّنيا ملعونةٌ،


(١) "الحلية" ٩/ ٢٥٨.
(٢) "الحلية" ٩/ ٢٦٤.
(٣) "الحلية" ٩/ ٢٧٤.
(٤) "الحلية" ٩/ ٢٧٣.
(٥) صحيح، وقد تقدم تخريجه ص ٢٦٤.
(٦) بل هي لفظة شاذة مفسدة للمعنى، لأن الصلاة ليست من أمور أهل الدنيا التي تُضاف إليها، ثم إنها لم ترد في شيء من طرق هذا الحديث نبه عليه ابن القيم والعراقي وابن حجر والسخاوي، انظر "زاد المعاد" ١/ ١٥١، و"تلخيص الحبير" ٣/ ١١٦، و"المقاصد الحسنة" ص ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>