للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: لا يَمنع أمه أن تُرضِعَه ليحزُنَها (١)، وقال عطاء وقتادة والزُّهري وسفيان والسُّدِّي وغيرهم: إذا رضِيَتْ ما يرضى به غيرُها، فهي أحقُّ به، وهذا هو المنصوصُ عن أحمد، ولو كانت الأُمُّ في حبال الزَّوج. وقيل: إن كانت في حبال الزَّوج، فله منعُها مِنْ إرضاعه، إلَّا أن لا يُمكِن ارتضاعُه من غيرها، وهو قولُ الشَّافعيِّ، وبعض أصحابنا، لكن إنَّما يجوزُ ذلك إذا كان قصدُ الزَّوج به توفيرَ الزوجة للاستمتاع، لا مجرَّد إدخال الضَّرر عليها.

وقوله: {وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: ٢٣٣]، يدخُل فيه أن المطلَّقة إذا طلَبت إرضاع ولدها بأجرة مثلها، لَزِم الأبَ إجابتها إلى ذلك، وسواءٌ وُجِدَ غيرُها أو لم يُوجَدْ. هذا منصوصُ الإمام أحمد، فإن طلبت زيادةً على أجرةِ مثلها زيادةً كثيرةً، ووجدَ الأب من يُرضعُه بأجرةِ المثل، لم يلزمِ الأبَ إجابتُها إلى ما طلبت، لأنَّها تقصد المضارَّة، وقد نصَّ عليه الإِمام أحمد.

ومنها في البيع وقد ورد النَّهيُ عن بيع المضطرِّ، خرَّجه أبو داود (٢) من حديث عليِّ بن أبي طالب أنَّه خطب النَّاسَ، فقال: سيأتي على النَّاسِ زمانٌ عَضُوضٌ


(١) هو في "تفسير مجاهد" ١/ ١٠٩، ومن طريقه رواه الطبراني في "جامع البيان" (٤٩٧٤).
(٢) برقم (٣٣٨٢) من حديث شيخ من بني نعيم، قال: خطبنا علي بن أبي طالب … فذكره، ورواه أيضًا أحمد ١/ ١١٦، والبغوي (٢١٠٤)، وإسناده ضعيف.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" ٣/ ٨٧: بيع المضطر يكون من وجهين:
أحدهما: أن يضطر إلى العقد من طريق الإِكراه عليه، فهذا فاسد لا ينعقد.
والوجه الآخر: أن يضطر إلى البيع لدين يركبه أو مؤونة ترهقه، فيبيع ما في يده بالوكس من أجل الضرورة، فهذا سبيلُه في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه، وأن لا يفتات عليه بماله، ولكن يُعان ويقرض ويستمهل له إلى الميسرة حتى يكون له في ذلك بلاغ، فإن عُقِد البيع مع الضرورة على هذا الوجه، جاز في الحكم ولم يفسخ، وفي إسناد هذا الحديث رجل مجهول لا يُدرى من هو إلا أن عامة أهل العلم قد كرهوا البيع على هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>