للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: وقد أعلمَ - صلى الله عليه وسلم - بإباحة نكاحِ بنتِ أبي جهل لعليٍّ بقولِه - صلى الله عليه وسلم -: «لَسْتُ أُحرِّم حلالاً». ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلَّتَين منصوصتين:

إحداهما: أن ذلك يؤدِّي إلى أذى فاطمة؛ فيتأذَّى حينئذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فيهلَك مَن آذاه، فنهى عن ذلك، لِكمال شفَقتِه على عَلِيٍّ، وعلَى فاطمة.

والثانية: خوف الفتنة عليها؛ بسبب الغَيرة. (١)

وقيل: ليس المراد به النهي عن جمعهما، بل معناه: أعلمُ مِن فَضْلِ اللَّهِ أنهما لا تجتمعان، كما قال أنس بن النَّضْر: «واللَّهِ لا تُكسَرُ ثَنِيَّة الرُّبَيِّع».

ويُحتَمَلُ أن المراد تحريم جمعهما، ويكون معنى: «لا أحرِّمُ حلالاً» أي: لا أقولُ شيئاً يخالِفُ حُكمَ اللَّهِ، فإذا أحلَّ شيئاً، لمْ أحرِّمْهُ، وإذا حرَّمَهُ، لم أحَلِّلْهُ، ولم أسكُتْ عن تحريمه؛ لأن سكوتي تحليلٌ له؛ ويكون من جملة محرمات النكاح: الجمعُ بين بنتِ نبيِّ اللَّهِ، وبنتِ عَدوِّ اللَّهِ).

وقال ابن حجر - رحمه الله -: (قال ابن التين: أصحُّ ما تُحمَلُ عليه هذه القصة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حرَّم علَى علِيٍّ أن يجمعَ بين ابنتِه، وبين ابنة


(١) عبارة القاضي عياض: كراهة فتنتها فى دينها؛ لفرط ما تحملها الغيرة عليه، وعداوة بنت عدو أبيها ومشاركتها لها.

<<  <   >  >>