للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خصوصاً وأنهم آمنوا بحتمية العدل المطلق.

فمسألة الحياة بعد الموت مسألة عقلية، وليست مجرد اعتقاد متوارث.

ومع اتفاق الفلاسفة وأتباع الأديان في الإيمان بالجزاء إلا أن صورة الإيمان تختلف فأصحاب الديانات السماوية جميعا يؤمنون بالجزاء المحسوس، مع إيمانهم بالجزاء المعنوى، وقد توهم بعض المستشرقين عندما ادعى أن القرآن وحده هو الذي جسد النعيم والعذاب. واعتبر هذا الجزاء من نبع التصور البدوى. لينفى نزول القرآن من عند الله.

وقد تصدى لهذه الدعوة الباطلة المرحوم عباس محمود العقاد، وأثبت أن كل الديانات السماوية تؤمن بالجزاء المحسوس. ونقل رحمه الله عديد من نصوص العهد القديم، والجديد تثبت مادية الجزاء.

قال رحمه الله:

فالأنبياء والقديسون، في جميع الأديان الكتابية، قد تمثلوا النعيم المحسوس , في رضوان الله ووضعوه على هذه الصفة في كتب العهد القديم والعهد الجديد , وفى كتب التراتيل , والدعوات.

ففى العهد القديم يصف (أشعياء) يوم الرضوان في الإصحاح الخامس والعشرين من سفر (أشعياء) فيقول

(يضع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن.

وليمة خمر على دردى سمائن , ودردى مصفى , ويفنى من هذا الجبل وجه النقاب , النقاب الذي على كل الشعوب , والغطاء المغطى به كل الأمم يبلغ الموت إلى الأبد , ويمسح السيد الرب الدموع من كل الوجود) .

فالعهد القديم يؤمن بالجزاء المحسوس. كما صور لنا هذا النص.

ثم ساق رحمه الله نصوصا أخرى من العهد الجديد تثبت الجزاء المحسوس.

يقول يوحنا الإلهي - في الإصحاح العشرين: متى تمت الألف السنة يحل الشيطان من سجنه , ويخرج ليضل الأمم , الذين في جميع زوايا الأرض , (يأجوج ومأجوج) وعددهم مثل البحر.. فنزلت

<<  <   >  >>