للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورجحه النحاس حيث قال: (والقول الأول أولاها لأنه يبعد أن يعني به الزكاة المفروضة لأن الأنعام مكية، والزكاة إنما فرضت بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ويقوي القول الأول حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنه نهى عن جذاذ الليل " (١)، قال سفيان: كي يحضر المساكين) (٢).

القول الثالث: أن الحق في الآية منسوخ بالزكاة فلا يحكم بوجوبه، وهو قول لابن عباس، والنخعي، وسعيد بن جبير، والسدي (٣)، ورجحه الطبري وقال: (وذلك لأن الجميع مجمعون لا خلاف بينهم أن صدقة الحرث لا تؤخذ إلا بعد الدياس والتنقية والتذرية، وأن صدقة التمر لا تؤخذ إلا بعد الجفاف) (٤).

والقول الراجح هو القول الأول وهو أن المراد بالحق الزكاة المفروضة وهو قول الجمهور، واعتُرِض عليه بأن السورة مكية، والزكاة فرضت في المدينة، والجواب أن أصل الزكاة كان مشروعاً في أول الإسلام وذلك بالإنفاق في سبيل الله بدون تحديد، وفي المدينة النبوية حددت الأنصبة والمقادير.

قال ابن الحصار: (ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيراً تصريحاً وتعريضاً بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع، ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف، وأورد من ذلك قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:١٤١]، وقوله في سورة المزمل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المزمل:٢٠]، ومن ذلك قوله فيها: {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل:٢٠]) (٥).


(١) أخرجه البيهقي في كتاب الضحايا باب التضحية في الليل من أيام منى (١٨٩٨٣) من حديث علي - رضي الله عنه -، وينظر: تلخيص الحبير ٤/ ١٤٢.
(٢) معاني القرآن ٢/ ٥٠٢.
(٣) ينظر: جامع البيان ٩/ ٦٠٨.
(٤) جامع البيان ٩/ ٦١١.
(٥) الإتقان ١/ ١٠٧.

<<  <   >  >>