للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعتُرض أيضاً بأن الزكاة لا تؤخذ يوم الحصاد، والجواب على هذا من أوجه:

أحدها: أن الأمر بالإيتاء محمول على وجوب الإخراج، إلا أنه لا يمكن ذلك عند الجذاذ والحصاد، فيؤخر إلى زمن الإمكان بعد التنقية.

والثاني: أن اليوم ظرف للحق لا للإيتاء فكأنه قال: وآتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد التنقية والتصفية.

والثالث: أن ذكر يوم الحصاد له فائدة، وهي أنه لا يجب الحق قبل يوم الحصاد، بل يجب يومه حين حصوله في يد صاحبه (١).

قال ابن العربي: (قد أفادت هذه الآية: وجوب الزكاة فيما سمى الله سبحانه، وأفادت بيان ما يجب فيه من مخرجات الأرض التي أجملها في قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة:٢٦٧]، وفسرها ههنا، فكانت آية البقرة عامة في المخرج كله مجملة في القدر، وهذه الآية خاصة في مخرجات الأرض مجملة في القدر؛ فبينه رسول الله الذي أُمِر بأن يبين للناس ما نزل إليهم، فقال: " فيما سقت السماء العشر وما سقي بنضح أو دالية (٢) نصف العشر " فكان هذا بياناً لمقدار الحق المجمل في هذه الآية) (٣).

وإذا عرفنا أن السلف يطلقون النسخ على البيان والتخصيص أمكن حمل كلامهم على هذا المعنى العام، فأحاديث السنة التي فيها الأنصبة والمقادير بيان لما أُجمل في هذه الآية.

قال ابن كثير: (وفي تسمية هذا نسخاً نظر؛ لأنه قد كان شيئاً واجباً في الأصل، ثم إنه فصل بيانه وبُيّن مقدار المخرج وكميته، قالوا: وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة، فالله أعلم) (٤).


(١) ينظر: زاد المسير ٣/ ١٠٤ بتصرف.
(٢) الدالية: شيء يتخذ من خوص وخشب يُستقى به بحبال يُشد في رأس جذع طويل، ينظر: كتاب العين ص ٣٠٢، القاموس المحيط ٤/ ٣٥٩.
(٣) أحكام القرآن ٢/ ٢٨٢.
(٤) تفسير ابن كثير: ١٣٧٤.

<<  <   >  >>