وما أحسن توجيه ابن القيم حيث يقول:(سأل إبراهيم ربه الولد فأجاب الله دعاءه وبشره، فلما بلغ معه السعي أمره بذبحه قال تعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات:٩٩ - ١٠١] فهذا دليل على أن هذا الولد إنما بشر به بعد دعائه وسؤاله ربه أن يهب له ولداً، وهذا المبشر به هو المأمور بذبحه قطعاً بنص القرآن، وأما إسحاق فإنما بشر به من غير دعوة منه، بل على كبر السن وكون مثله لا يولد له، وإنما كانت البشارة به لامرأته سارة، ولهذا تعجبت من حصول الولد منها ومنه، قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرٍ اللَّهِ} [هود:٦٩ - ٧٣] فتأمل سياق هذه البشارة وتلك، تجدهما بشارتين متفاوتتين، مخرج إحداهما غير مخرج الأخرى، والبشارة الأولى: كانت له، والثانية: كانت لها، والبشارة الأولى: هي التي أمر بذبح من بُشر فيها دون الثانية) (١).
وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه إسحاق، فلم يثبت ولو ثبت لأخذنا به.