للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا شرف الله أهل العلم وأشهدهم على وحدانيته وتفرده بالعبادة والأُلوهية كما قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨]، وأهل العلم يسلك الله بهم إلى الجنة أسهل الطرق ويستغفر لهم أهل السماء والأرض حتى الحيتان في البحر كما ثبت من حديث أبي الدرداء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجنَّةِ، وَإِنَّ الملَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الماءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (١).

وبالعلم تُعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال من الحرام، فالعلم إمام والعمل مأموم، وهو قائد والعمل تابع، مذاكرة العلم تسبيح، والبحث عنه جهاد, وطلبه قربة إلى الله تعالى, وبذله صدقة، ومدارسة العلم تُعدل بالصيام والقيام، والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام.

قال الإمام أحمد - رحمه الله -: «الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحْتَاج إليه في اليوم مرتين أو ثلاثًا، والعلم يُحْتَاج إليه


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣/ ٣١٧) رقم (٣٦٤١)، والترمذي في جامعه (٥/ ٤٨) رقم (٢٦٨٢)، وقال: «ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة، وليس هو عندي بمتصل، هكذا حدثنا محمود بن خداش بهذا الإسناد، وإنما يُرْوَى هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن الوليد بن جميل، عن كثير بن قيس، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أصح من حديث محمود بن خداش، ورأي محمد بن إسماعيل هذا أصح».

<<  <   >  >>