للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كل حال مثل هذا التضعيف لا يكفي فيه مجرد النظر في الإسناد، فقد يخطئ الراوي وإن كان مقبولاً في الجملة، لا سيما إذا عارضه من هو أكثر أو أوثق منه وأحفظ، ومع ذلك حكم الإمام البخاري بوصل: ((لا نكاح إلا بولي)) مع أن ممن أرسله شعبة وسفيان، فلا يعني أن الحافظ الضابط يكون قوله مقبولاً باطراد مقدماً على غيره باستمرار، بل قد تدل القرائن على أن غيره حفظ ما لم يحفظه، أو ضبط ما لم يضبطه، وعلى كل حال الحديث مختلف فيه هذا الاختلاف، والسنة ثابتة بفعله -عليه الصلاة والسلام-، مطرداً، كان يضطجع -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يقول: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن)) السنة ثابتة بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وأما الأمر فمختلف فيه، والأمر يفيد تأكد هذه السنة ولا يدل على الوجوب.

الناس في هذه السنة أو بإزائها اختلفت أقوالهم وتباينت، فمنهم من يراها بدعة، كما ذكر عن ابن عمر، وكان يحصب من يضطجع، ومنهم من يراها واجبة، بل شرط لصحة صلاة الفجر كابن حزم، يقول: إذا لم يضطجع صلاته باطلة، وهو نظير قوله فيما إذا لم يصل الصبح يوم النحر مع الإمام فإن حجه ليس بصحيح، حديث عروة بن مضرس من صلى صلاتنا هذه، أو شهد صلاتنا هذه، يقول: إذا لم يشهدها مع الإمام حجه ليس بصحيح.

وهنا يقول: إذا لم يضطجع قبل صلاة الصبح فصلاة الصبح باطلة، طيب كيف يصحح؟ كيف يصلي صلاة صحيحة عند ابن حزم؟ صلى ركعتي الصبح ولم يضطجع وصلى صلاة الفجر إذاً عليه أن يعيد ركعتي الفجر، ثم يضطجع بعدها، ثم يصلي الصبح؛ لتكون الصلاة صحيحة عند ابن حزم، ولا شك أن هذا قول باطل، لا حظ له من النظر، عامة أهل العلم يرون أنه إن صلاها في بيته اضطجع، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل، وإن صلاها في المسجد فلا، وهو الذي كان ابن عمر يحصب من اضطجع، يعني في المسجد.

يقول: "رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وقد تكلم أحمد والبيهقي وغيرهما في هذا الحديث، وصححوا فعله للاضطجاع لا أمره به".