للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمدُ للهِ مُزجِي النِّعمةِ الوافرةِ، والنّعمة المتوافرةِ، والآلاء السانحةِ، والنعماءِ السارحةِ، ذي الدَّولةِ العاليةِ، والدُّولةِ المتعاليةِ، والمِنَّةِ المؤيَّدة، والمُنّةِ المؤبّدةِ، والحُجَّةِ الراحضةِ، والمحجّةِ الواضحةِ، الذي توَّجَ جباهَ عِزّتِنا بتيجانِ الجَلالِ، وأسرجَ عناجيجَ عزِمتِنا في مناهج الإجلالِ، وسوّرَ مِعْصَمَ ألسنتِنا بأساورِ المَقَالِ، ونِوَّرَ مصباحَ صولَتِنا في مَساربِ الأثقالِ، وأطلعَ شموسَ صلاحِنا من مشارقِ الكمال، وأينعَ غصونَ إصلاحِنا في حدائقِ الإكمالِ، حتى لاحَ حمدُنَا وألاحَ، وراحَ بحُلَلِ مدحِنا وارتاحَ، وألفْنَا السِّلاحَ: وفاحَ عَرْفُ عُرْفنا وساحَ، وألنا الشداد، وفللْنا الحدادَ، وملأنا القِعاب، وخَذَلنَا مَنْ سَفُه وعابَ، فكمّلَ أعدادنا، وجمَّل أعدادَنا، وشرّفَ أبعادنا، وأمن المجاورُ إبعادَنا، فعندما يجبرُ المكسورُ، وتركعُ لزور زرائبنا الكسورُ، لا يعرِفُ وجْهَ معروفِنا البسورُ، وتخضعُ لِعظَم عظمةِ عصفورِنا النسورُ: المتقارب:

ففينا الذّكُور وفينا الذَّكورُ ... وفينا الجُسورُ وفينا الجسورُ

وفينا الدُّرورُ وفينا الدَّرورُ ... وفينا القُدورُ وفينا القَدورُ

وفينا الطّهورُ وفينا الطهورُ ... وفينا الظُّهور وفينا الظهورُ

وفينا البدور وفينا النُّدورُ ... وفينا الخُبور وفينا الحُبورُ

فنحنُ المكينُ ونحنُ الرًّكين ... ونحنُ السفين ونحن البُحورُ

قال: فلما جد جد فخاره، وقَدَّ قَدّ نُخَب افتخاره، وَثَبَ خطييُنا على طنفستهِ، وأفاض من فرائِد منافستهِ، ثم هَمَرَ كالليثِ الهصور، ونفخ نفخة إسرافيلَ عندَ التقام الصُّور، وقال: الحمدُ للهِ الذي بَسَقَتْ أغصانُ رَحمتَهِ، واتسقَتْ أقمارُ حكمته، وطلعَتْ نجومُ مِنَّته، وأينَعتْ ثِمارُ مَعونتهِ، وعالَتْ أمواجُ إعانتهِ، وتعالَتْ أفواجُ أعّنتهِ، أحمدهُ على إنعامهِ العرمرم الرّجراج، وفلكِ إكرامه الكاملِ الأبراج، وعَدْلِه المضوع الأثوابِ، وفَضْلهِ المفتح الأبوابِ، حمدَ مَنْ متَحَ من بحار إحسانهِ فاعترفَ، وانمَدحَ لهَ دوْحُ امتنانهِ فاخترف، وأشهدُ أنه الواحدُ الفتاحُ، الذي أسهبَ في مدْح عُباب معروفه المُمتاحُ، موجدُ الوجودِ، ذو الجود الموجودِ، أرسلَ محمداً بالرسالة الصادحةِ، والمقالة الراجحةِ، ووضوح السَّننِ وسُحوح السنن، صلّى اللهُ عليه وعلى آله، ما خَلَعَ هامَ هلالٍ إهابهُ، وأصابَ صيّبُ هِلال أهابه، أما بعدُ: فإنِّهُ لمّا اشتهرَ في الآمِنِ والمَخُوفِ، وانتشرَ بينَ الأسنةِ والسُجوفِ، مالنا مِنَ الاحتباء، وجلالةِ الاجتباءِ، وعدم الإغراءِ، والفصاحةِ الغراءِ، ونفاسةِ الأصول، المقدّسةِ عن النصولِ، الراشقةِ بسهام السؤدَدِ والنّصولِ، وجَبَ علينا جابةُ الصنوف، وإجابةُ الضيوفِ، ودفاعُ العَارِ، وادراعُ الغار، واطراحُ العناقِ، واقتناءُ العِتَاقِ، ومعاصاةُ العُتاةِ، ومواصاةُ العُناة، وطولُ الخُفوقِ، وبذل الحقوق، ومحاسمةُ الغَبوق، ومناسمةُ العَيّوق، فنهضنا بما افترضَ وأعنا من تعني بما اَفترضَ، فجاءَ بالإمْر أمرُنا بُراحا، وآلى ألاّ يرومَ مدى الأزمنة بَراحَا تواظب بطونَ كفوفِنا الظُّباة، ولا يصاحبُ عيونَ عقولِنا السُّباتُ. المتقارب:

فنحنُ الليوثُ إذا حاربُوا ... ففينا الثُّباتُ وفينا الثّباتُ

ونحن الصّفاةُ ونحنُ الصفات ... ونحن التُّقاة ونحن الثقاتُ

ونحن الجُباةُ ونحن الجُناةُ ... ونحن الكفاةُ ونحن الكِفاتُ

ونحن الكُماةُ ونحن الحماةُ ... ونحنُ الحياةُ ونحن المماتُ

فحولُنا لا يتناهَى، وفحولُنا بها نَتباهى وجلائلنا تَمون، وحلائلنا لا تخونُ، ورفاقنا لا تخورُ، ورقاقُنا بالظِّفَرِ تَحورُ، وعُداتُنا تخيبُ، وعداتنُّا تُجيب، فعندنا تفْقد السّخِابُ، ومنّا تعلّمَ الكرمَ السحاب، المتقارب:

فنحن الغيوث إذا استُنْجِعوا ... ونحنُ الرَّباب ونحنُ الرِّبابُ

ونحنُ العقاب ونحن العُقابُ ... ونحن العِذاب ونحنُ العَذاب

ونحن الشَّرابُ ونحنُ السّرابُ ... ونحن الحبابُ ونحن الحُباب

<<  <   >  >>