وَفِي رَجَب مَاتَت سريرة الرائقية (١) اشْتَرَاهَا ابْن رائق من ابْنة ابْن حمدون بِثَلَاثَة عشر الف دِينَار وَكَانَت مولدة سمراء حَسَنَة الْغناء
وَلما قتل ابْن رائق تزَوجهَا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن حمدَان
وَحكى التنوخي ان المهلبي دَعَاهَا وَأظْهر من التجمل مَا اعياه فِي مجالسه وسماطه وتبخر بِمَا زَاد على الْحَد فَقَالَت لَهُ جَارِيَته تجني اننى اراك هود اتزانك حَتَّى ونيت بك فَقَالَ لَهَا وَيحك ان هَذِه قد نشات فِي نعْمَة تستصغر فِيهَا نعم ملكنا فَمَا اريد ان تزري علينا اذا خرجت
وَفِي شعْبَان مَاتَ ابو عَليّ عبد الرحمان بن عِيسَى بن دَاوُد بن الْجراح وَزِير الراضي بِاللَّه
وَحكى ابو مُحَمَّد جَعْفَر بن وَرْقَاء قَالَ دخلت على ابي جَعْفَر الْكَرْخِي بعد تَقْلِيده للوزارة صارفا عَنْهَا لابي عَليّ بن عبد الرحمان بن عِيسَى وَقد كَانَ الراضي بِاللَّه حلف على ان لاينقع من عبد الرحمان بَاقِل من مائَة الف دِينَار وراعاه الْكَرْخِي لحقوق اخيه وانكشف لَهُ ان جَمِيع مَا يملكهُ عشرَة الاف دِينَار فَعدل الى ان قسط تقسيطا على النَّاس بدا فِيهِ بِنَفسِهِ وَالْتزم ثَلَاثمِائَة الف دِرْهَم
قَالَ ابو مُحَمَّد فَدخلت على الْوَزير فَسلم الى الدرج وخاطبني فِي الْتِزَام شىء فَقلت يدعني الْوَزير ادبر الامر فَقطعت الخطوط وكتبت صمن لمولانا امير الْمُؤمنِينَ اطال الله بَقَاءَهُ جَعْفَر بن وَرْقَاء ان يصحح لَهُ لمن يامره بتصحيح ذَلِك عِنْده عَن عبد الرحمان بن عِيسَى مائَة الف دِينَار واخذه اي وَقت امْرَهْ بتصحيحها وَقلت للوزير انفذها مَعَ رَسُول عَاقل ينظر مَا يجْرِي فَعَاد الْخَادِم الَّذِي انفذه وَقَالَ استدعاني الْخَلِيفَة حِين عرض عَلَيْهِ الْحَاجِب الْخط فَدخلت وَهُوَ جَالس على كرْسِي كالمغتاظ وَفِي يَده الرقعة مخرقة فَقَالَ من عِنْد مَوْلَاك فَقلت وَلم اجسر على كذبه جَعْفَر بن وَرْقَاء فَقَالَ لَهُ يَا اعرابي اردت ان ترى النَّاس ان نَفسك تتسع لَا تغرم غمر لَا حُرْمَة لَهُ وَهُوَ خادمي مَا ضَاقَتْ نَفسِي عَن تَركه عَلَيْهِ فتظهر بذلك انك اكرم مني وَالله لَا كَانَ هَذَا قل لمولاك اطلق عبد الرحمان وَترد خطّ هَذَا الاعرابي الجلف واني اكفر عَن يَمِيني وَرمى بالرقعة مخرقة
قَالَ فَقلت للكرخي كَيفَ رأى الْوَزير رَأْيِي وَالله مَا اعتمدت الا ان يَقع فِي نَفسه مثل هَذَا فيفعل مَا فعله لعلمي بجودة عقله وكرم نَفسه وَلَو جرى الامر بِخِلَاف ذَلِك لوزنت جَمِيع مَا املكه واستسمحت الْوَزير وَالنَّاس بعده حَتَّى اقوم بتصحيح المَال فاطلق ابو عَليّ الى منزله