وَكَانَ عز الدولة قد كَاتب ابا تغلب يستدعيه الى بَغْدَاد فاستولى عَلَيْهَا العيارون فَدَخلَهَا ابو تغلب وَقتل مِنْهُم جمَاعَة واخذ مَا وجده الاتراك
وَذكر ابو حَيَّان فِي كتاب الامتاع والمؤانسة (٢) قَالَ حصل بِبَغْدَاد من العيارين قواد منعُوا المَاء ان يصل الى الكرخ وَكَانَ فيهم قَائِد يعرف بأسود الزّبد لانه كَانَ يأوي قنطرة الزّبد ويستطعم من حضر وَهُوَ عُرْيَان لايتوارى
فَلَمَّا فَشَا الْهَرج رأى هَذَا الاسود من هُوَ اضعف مِنْهُ قد اخذ السَّيْف فَطلب سَيْفا وَنهب واغار وَظهر مِنْهُ شَيْطَان فِي مسك انسان وَصَحَّ وَجهه وعذب لَفظه وَحسن جِسْمه وأطاعه رجال فَصَارَ جَانِبه لايرام وحريمه لايضام وَظهر من حسن خلقه مَعَ شَره ولعنه وسفكه الدَّم وهتكه الْحَرِيم وركبوه الْفَوَاحِش وتمرده على ربه القاهر ومالكه الْقَادِر انه اشْترى جَارِيَة بِأَلف دِينَار فَلَمَّا حصلت عِنْده حاول مِنْهَا حَاجته فمنعته فَقَالَ ماتكرهين مني فَقَالَت اكرهك كَمَا انت فَقَالَ مَا تحبين قَالَت ان تبيعني قَالَ اَوْ افْعَل مَعَك خير من ذَلِك وَحملهَا الى مَسْجِد ابْن رغبان (٢٧٦١٤١) فَأعْتقهَا بَين يَدي القَاضِي ابْن الرقَاق ووهب لَهَا الف دِينَار فَعجب النَّاس من نَفسه وهمته وسماحته وَصَبره على خلَافهَا وَترك مكافأتها على كراهتها ثمَّ صَار فِي جَانب ابي احْمَد الموسوي فحماه وسيره الى الشَّام فَهَلَك بهَا.
وَقَالَ ابْن الْحجَّاج يذكر دُخُول ابي تغلب الى بَغْدَاد ... وانت يَا بَغْدَاد قولي فقد ... سَأَلتك الْحق وَلَا تكذبي