للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ بعد ذَلِك بعام سنة سَبْعمِائة لما قدم التتار إِلَى أَطْرَاف الْبِلَاد وَبَقِي الْخلق فِي شدَّة عَظِيمَة وَغلب على ظنهم أَن عَسْكَر مصر قد تخلوا عَن الشأم ركب الشَّيْخ وَسَار على الْبَرِيد إِلَى الْجَيْش الْمصْرِيّ فِي سَبْعَة أَيَّام وَدخل الْقَاهِرَة فِي الْيَوْم الثَّامِن يَوْم الْإِثْنَيْنِ حادي عشر جمادي الأولى وأطلاب المصريين دَاخِلَة وَقد دخل السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فَاجْتمع بأركان الدولة واستصرخ بهم وحضهم على الْجِهَاد وتلا عَلَيْهِم الْآيَات وَالْأَحَادِيث وَأخْبرهمْ بِمَا أعد الله للمجاهدين من الثَّوَاب فاستفاقوا وقويت هممهم وأبدوا لَهُ الْعذر فِي رجوعهم مِمَّا قاسوا من الْمَطَر وَالْبرد مُنْذُ عشْرين وَنُودِيَ بالغزاة وقوى الْعَزْم وعظموه وأكرموه وَتردد الْأَعْيَان إِلَى زيارته

وَاجْتمعَ بِهِ فِي هَذِه السّنة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَسمع كَلَامه وَذكر أَنهم سَأَلُوهُ بعد انْقِضَاء الْمجْلس فَقَالَ هُوَ رجل حفظَة

قيل لَهُ فَهَلا تَكَلَّمت مَعَه فَقَالَ هَذَا رجل يحب الْكَلَام وَأَنا أحب السُّكُوت

وَلَقَد أَخْبرنِي الذَّهَبِيّ عَن الشَّيْخ رَحمَه الله أَنه أخبرهُ أَن ابْن دَقِيق الْعِيد قَالَ لَهُ بعد سَماع كَلَامه مَا كنت أَظن أَن الله بقى يخلق مثلك

<<  <   >  >>