وَكَانَت غَزْوَة بدر أول غَزْوَة ظهر فِيهَا الْمُسلمُونَ على صَنَادِيد الْكفَّار وَقتل الله وَأسر رؤوسهم مَعَ قلَّة الْمُسلمين وضعفهم فَإِنَّهُم كَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر لَيْسَ مَعَهم إِلَّا فرسَان وَكَانَ يعتقب الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة على الْبَعِير الْوَاحِد وَكَانَ عدوهم بقدرهم أَكثر من ثَلَاث مَرَّات فِي قُوَّة وعدة وهيأة وخيلاء
فَلَمَّا كَانَ من الْعَام الْمقبل غزا الْكفَّار الْمَدِينَة وفيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَخرج إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فِي نَحْو من ربع الْكفَّار وَتركُوا عِيَالهمْ بِالْمَدِينَةِ لم ينقلوهم إِلَى مَوضِع آخر وَكَانَت أَولا الكرة للْمُسلمين عَلَيْهِم ثمَّ صَارَت للْكفَّار فَانْهَزَمَ عَامَّة عَسْكَر الْمُسلمين إِلَّا نَفرا قَلِيلا حول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم من قتل وَمِنْهُم من جرح وحرصوا على قتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى كسروا رباعيته وشجوا جَبينه وهشموا الْبَيْضَة على رَأسه وَأنزل الله فِيهَا نَحوا من شطر سُورَة أل عمرَان من قَوْله {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ}