قَالَ ثمَّ لم يزل الشَّيْخ بعد ذَلِك على زِيَادَة فِي الْحَال والقال والجاه وَالتَّحْقِيق فِي الْعلم والعرفان حَتَّى حرك الله سُبْحَانَهُ عَزمَات نفوس وُلَاة الْأَمر لقِتَال أهل جبل كسروان وهم الَّذين بغوا وَخَرجُوا على الإِمَام وأخافوا السبل وعارضوا المارين بهم من الْجَيْش بِكُل سوء
فَقَامَ الشَّيْخ فِي ذَلِك اتم قيام وَكتب إِلَى أَطْرَاف الشأم فِي الْحَث على قتال الْمَذْكُورين وَأَنَّهَا غزَاة فِي سَبِيل الله
ثمَّ تجهز هُوَ بِمن مَعَه لغزوهم بِالْجَبَلِ صَحبه ولي الْأَمر نَائِب المملكة المعظمة أعز الله نَصره والجيوش الشآمية المنصورة وَمَا زَالَ مَعَ ولي الْأَمر فِي حصارهم وقتالهم حَتَّى فتح الله الْجَبَل وَأجلى أَهله وَكَانَ من أصعب الْجبَال وأشقها ساحة وَكَانَت الْمُلُوك الْمُتَقَدّمَة لَا تقدم على حصاره مَعَ علمهَا بِمَا عَلَيْهِ أَهله من الْبَغي وَالْخُرُوج على الإِمَام والعصيان وَلَيْسَ إِلَّا لصعوبة المسلك ومشقة النُّزُول عَلَيْهِم
وَكَذَلِكَ لما حَاصَرَهُمْ بيدرا بالجيش رَحل عَنْهُم وَلم ينل مِنْهُم منالا لذَلِك السَّبَب وَلغيره وَذَلِكَ عقيب فتح قلعة الرّوم ففتحه الله على يَدي ولي الْأَمر نَائِب الشَّام المحروس أعز الله نَصره