من يقبلهَا مِنْهُم وَهَكَذَا كَانَ عَادَة هَؤُلَاءِ الجبلية فَإِنَّمَا أَقَامُوا بجبلهم لما كَانُوا يظهرونه من النِّفَاق ويبذلونه من الْبر طيل لمن يقصدهم
وَالْمَكَان الَّذِي لَهُم فِي غَايَة الصعوبة ذكر أهل الْخِبْرَة أَنهم لم يرَوا مثله وَلِهَذَا كثر فسادهم فَقتلُوا من النُّفُوس وَأخذُوا من الْأَمْوَال مَالا يُعلمهُ إِلَّا الله
وَلَقَد كَانَ جيرانهم من أهل الْبِقَاع وَغَيرهَا مَعَهم فِي أَمر لَا يضْبط شَره كل لَيْلَة تنزل عَلَيْهِم مِنْهُم طَائِفَة ويفعلون من الْفساد مَالا يُحْصِيه إِلَّا رب الْعباد كَانُوا فِي قطع الطرقات وإخافة سكان البيوتات على أقبح سيرة عرفت من أهل الْجِنَايَات يرد إِلَيْهِم النَّصَارَى من أهل قبرص فيضيفونهم ويعطونهم سلَاح الْمُسلمين ويقعون بِالرجلِ الصَّالح من الْمُسلمين فإمَّا أَن يقتلوه أَو يسلبوه وَقَلِيل مِنْهُم من يفلت مِنْهُم بالحيلة
فَأَعَانَ الله وَيسر بِحسن نِيَّة السُّلْطَان وهمته فِي إِقَامَة شرائع الْإِسْلَام وعنايته بجهاد المارقين أَن غزوا غَزْوَة شَرْعِيَّة كَمَا أَمر الله وَرَسُوله بعد أَن كشفت أَحْوَالهم وأزيحت عللهم وأزيلت شبههم وبذل لَهُم من الْعدْل والإنصاف مَا لم يَكُونُوا يطمعون بِهِ وَبَين لَهُم أَن غزوهم اقْتِدَاء بسيرة أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قتال الحرورية