أرسلها وَذكر أَنه عرضهَا على الإِمَام أبي حَيَّان ... خطب دنا فَبكى لَهُ الْإِسْلَام ... وبكت لعظم بكائه الْأَيَّام
وبكت لَهُ بعبرتها السَّمَاء فأمطرت ... فِي غير فصل تسمح الأعوام
وبكت لَهُ الأَرْض الجليلة بعد مَا ... أضحى عَلَيْهَا وَحْشَة وقتام
وتزلزلت كل الْقُلُوب لفقده ... وتواترت من بعده الآلام
ولمؤمنين الْجِنّ حزن شَامِل ... ونياحه نطقت بهَا الأحلام
وتفجع الدّين القويم لفقده ... وبقى غَرِيبا يبتلى ويضام
مذ مَاتَ ناصره الَّذِي أَوْصَافه ... أبدا تكون على سواهُ حرَام
لتقي دين الله وصف باهر ... وخصائص خضعت لَهَا الأفهام
ومواهب من ذِي الْجلَال تمده ... فَيتم فَخر شامخ ومقام
وَغدا تَقِيّ الدّين أَحْمد مَاله ... حد فَتحمل فَقده الْأَجْسَام
الْعَالم الحبر الإِمَام وَمن غَدا ... فِي راحتيه من الْعُلُوم زِمَام
ذُو المنصب الْأَعْلَى الَّذِي نصبت لَهُ ... فِي الأَرْض فِي أقطارها الْأَعْلَام
بَحر الْعُلُوم وكنز كل فَضِيلَة ... فِي الدَّهْر فَرد فِي الزَّمَان إِمَام ... حبر تخيره الْإِلَه لدينِهِ ... ختم لأعلام الْهدى وختام
فوفى بِأَحْكَام الْكتاب فكم لَهُ ... فِي نصر تَوْحِيد الْإِلَه قيام
وَالسّنة الْبَيْضَاء أَحْيَا ميتها ... فغدت عَلَيْهَا حُرْمَة وحجام ...