.. وَمَا كَانَ إِلَّا آيَة فِي زَمَانه ... وَفِي كل علم حَاز لَيْسَ لَهُ ثَان
إِمَام هدى يَدْعُو إِلَى دين ربه ... دُعَاء نصوح مُشفق غير خوان
فمذهبه مَا جَاءَ عَن خير مُرْسل ... وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ بأحسان
أَتَى بعلوم حيرت كل واصف ... على أَنه يهدي بهَا كل حيران
فكم مُبْطل وافاه يَبْغِي جداله ... فأنصفه فِي الْبَحْث من غير عدوان
ويكشف عَنهُ شُبْهَة بعد شُبْهَة ... إِلَى أَن يبين الْحق أحسن تبيان
فَيُصْبِح عَن تِلْكَ الْمقَالة معرضًا ... وَلَو كَانَ من أَحْبَار سوء وَرُهْبَان
يغار على الْإِسْلَام من كل بِدعَة ... وَمَا زَالَ مِنْهَا هادما كل بُنيان
وَفِي الله لم تَأْخُذهُ لومة لائم ... وَلم يخْش مخلوقا من الْإِنْس والجان
وَلم ينْتَقم فِي الدَّهْر يَوْمًا لنَفسِهِ ... وَلكنه يُؤْذى فيعفو عَن الْجَانِي
وَأما سخاء الْكَفّ فالبحر دونه ... وَلم يَك فِي بذل العطايا بمنان
وَلَو وزنوا أهل الشجَاعَة كلهم ... بِهِ رجح الشجعان فِي كل ميزَان
فَمن جَاهد الْأَعْدَاء فِي الدّين لَيْلَة ... وَمن سل سيف الْعَزْم فِي وَجه غازان
وَمن قَالَ للنَّاس اثتبوا يَوْم شقحب ... فَإِن الأعادي فِي انهزام وخذلان
فَمن خشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَاتَّقَى ... إِلَه البرايا خانه كل سُلْطَان
وَمَا ضره إِن طَال فِي السجْن مكثه ... إِذا كَانَ فِي نسك وَطَاعَة رَحْمَن
منيبا إِلَى مَوْلَاهُ يقطع وقته ... بِنَقْل أَحَادِيث وَتَفْسِير قُرْآن
وَلم يَك مشغوفا بحب رياسة ... وَلَا شدّ بغلات وَلَا حسن غلْمَان ...