للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكنت أَرَاهُم يتناقضون إِذْ يؤصلون أصولا يلز فِيهَا ضد مَا يعتقدونه ويعتقدون خلاف مُقْتَضى أدلتهم فاذا جمعت بَين أقاويل الْمُعْتَزلَة والأشعرية وحنابلة بَغْدَاد وكرامية خُرَاسَان أرى أَن إِجْمَاع هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمين فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة على مَا يُخَالف الدَّلِيل الْعقلِيّ والنقلي فيسؤني ذَلِك وأظل أَحْزَن حزنا لَا يعلم كنهه إِلَّا الله حَتَّى قاسيت من مكابدة هَذِه الْأُمُور شَيْئا عَظِيما لَا أَسْتَطِيع شرح أيسره

وَكنت ألتجىء إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأتضرع إِلَيْهِ وأهرب إِلَى ظواهر النُّصُوص وَألقى المعقولات المتباينة والتأويلات المصنوعة لنبو الْفطْرَة عَن قبُولهَا

ثمَّ قد تشبثت فِطْرَتِي بِالْحَقِّ الصَّرِيح فِي أُمَّهَات الْمسَائِل غير متجاسرة على التَّصْرِيح بالمجاهرة قولا وتصميما للْعقد عَلَيْهِ حَيْثُ لَا أرَاهُ مأثورا عَن الْأَئِمَّة وقدماء السّلف إِلَى أَن قدر الله سُبْحَانَهُ وُقُوع مُصَنف الشَّيْخ الامام (إِمَام الدُّنْيَا) رَحمَه الله فِي يَدي قبيل واقعته الْأَخِيرَة بِقَلِيل فَوجدت مَا بهرني من مُوَافقَة فِطْرَتِي لما فِيهِ وعزوا الْحق إِلَى أَئِمَّة السّنة وَسلف الْأمة مَعَ مُطَابقَة الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول فبهت لذَلِك سُرُورًا بِالْحَقِّ وفرحا بِوُجُود الضَّالة الَّتِي لَيْسَ لفقدها عوض فَصَارَت محبَّة هَذَا الرجل رَحمَه الله محبَّة ضَرُورِيَّة يقصر عَن شرح أقلهَا الْعبارَة وَلَو أطنبت

<<  <   >  >>