.. أهكذا الدَّهْر لَيْلًا كُله ابدا ... فَلَيْسَ يعرف فِي أوقاته سحر
أهكذا السَّيْف لَا تمْضِي مضاربه ... وَالسيف فِي الفتك مَا فِي عزمه خور
أهكذا الْقوس ترمى بالعراء وَمَا ... تصمي الرمايا وَمَا فِي بَاعهَا قصر
أهكذا يتْرك الْبَحْر الخضم وَلَا ... يلوى عَلَيْهِ وَفِي أصدافه الدُّرَر
أهكذا بتقي الدّين قد عبثت ... أَيدي العدى وتعدى نَحوه الضَّرَر
الى ابْن تَيْمِية ترمى سِهَام أَذَى ... من الْأَنَام ويدمى الناب وَالظفر
بُد السوابق ممتد الْعِبَادَة لَا ... يَنَالهُ ملل فِيهَا وَلَا ضجر
وَلم يكن مثله بعد الصَّحَابَة فِي ... علم عَظِيم وزهد مَا لَهُ خطر
طَرِيقه كَانَ يمشي قبل مشيته ... بهَا أَبُو بكر الصّديق أَو عمر
فَرد الْمذَاهب فِي أَقْوَال أَرْبَعَة ... جَاءُوا على أثر السباق وابتدروا
لما بنوا قبله عليا مذاهبهم ... بنى وَعمر مِنْهَا مثل مَا عمروا
مثل الْأَئِمَّة قد أَحْيَا زمانهم ... كَأَنَّهُ كَانَ فيهم وَهُوَ منتظر
إِن يرفعوهم جَمِيعًا رفع مُبْتَدأ ... فحقه الرّفْع أَيْضا إِنَّه خبر
أمثله بَيْنكُم يلقى بمضيعة ... حَتَّى يطيح لَهُ عمدا دم هدر
يكون وَهُوَ أماني لغيركم ... تنوبه منكمو الْأَحْدَاث والغير
وَالله لَو أَنه فِي غير أَرْضكُم ... لَكَانَ مِنْكُم على ابوابه زمر
مثل ابْن تَيْمِية ينسى بمجلسه ... حَتَّى يَمُوت وَلم يكحل بِهِ بصر
مثل ابْن تَيْمِية ترْضى حواسده ... بحبسه أَو لكم فِي حَبسه عذر ...