للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْهُ الْحَسَنُ مَغْمُومًا مَكْرُوبًا خَائِفًا وَجِلا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَدْ نَزَلَ بِهِ عَظِيمٌ فَأَقَامَ الْحَجَّاجُ مُعَذَّبًا لَا يَكَادُ يَمُوت وَلَا يحيى خَمْسَة عشر لَيْلَةً وَقَالَ الْحَجَّاجُ رُدُّوا عَلَيَّ الْحَسَنَ فَرَدُّوهُ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَغَارَتْ عَيْنَاهُ مِنَ السَّهَرِ وَقَدِ احْتَرَقَتْ ثِيَابُهُ وَتَشَقَّقَ جِلْدُهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَحَوْلَهُ تِسْعَةُ كَوَانِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُفَارِقُ الزَّمْهَرِيرُ جَوْفَهُ قَالَ فَكَلَّمَنِي وَقَدْ ضَعُفَ وَبَحَّ صَوْتُهُ فَأَنْشَأَ وَهُوَ يَقُولُ يَا إِلَهِي إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّكَ لَا تَرْحَمُنِي فَارْحَمْنِي ثُمَّ قَالَ يَا حَسَنُ لَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُفَرِّجَ عَنِّي وَلَكِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ رُوحِي وَلا يُطَوِّلَ عَذَابِي فَيَفْعَلَ بِي مَا يَشَاءُ فَبَكَى الْحَسَنُ بُكَاءً شَدِيدًا وَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ أَنْ يَسْأَلَهُ فِيهِ فَأَذِنَ اللَّهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقُبِضَ وَالْحَسَنُ وَاقِفٌ فَقَالَ الْحَسَنُ لأَهْلِهِ خُذُوا فِي جَهَازِهِ وَقَعَدَ الْحَسَنُ عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُ جَنَازَتَهُ وَأَبَى الْعَابِدُونَ أَنْ يَأْتِيَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلا يَحْضُرُوا لَهُ جِنَازَةً لِمَا كَانَ أَنْزَلَ بِهِمْ وَمَا كَانَ فَعَلَ بِالْعَابِدِينَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ الْحَسَنُ يَنْتَظِرُ جِنَازَتَهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ غَيْرُهُ فَلَمَّا مَضَوْا بِالْجِنَازَةِ مَضَى مَعَهُمُ الْحَسَنُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَأَقَامَ عِنْدَ جِنَازَتِهِ حَتَّى وَارَاهُ بِالتُّرَابِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٌ رَجُلٌ رَمَى الْبَيْتَ وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَتَلَ ابْنَ عُمَرَ وَقَتَلَ الْعَابِدِينَ وَآخِرُ مَنْ قَتَلَ رَأْسُ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَكَيْفَ رَضِيتَ أَنْ تَحْضُرَ جِنَازَتَهُ فَيَقُولَ الْمُلُوكُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَجَّاجُ لَيْسَ للَّهِ رضى مَا حَضَرَ الْحَسَنُ جِنَازَتَهُ وَلا صَلَّى عَلَيْهِ فَقَدْ أَهْلَكْتَ الْعَابِدِينَ آخِرَ الدَّهْرِ وَأَحْلَلْتَهُمْ لِمُلُوكِ الأَرْض فَمَا حملك على مَا صنعت فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ إِنِّي أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثلثمِائة رَجُلٍ مِنْهُمْ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا كُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى بَارِّ هَذِهِ الأُمَّةِ وَفَاجِرِهَا فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا دَعَوْنَا اللَّهَ لَهُ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ مسيئا دَعونَا الله لَهُ

<<  <   >  >>