للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْلَغَ مِنَ الاجْتِمَاعِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْمَوْعِدُ فَقُلْتُ لَيْلَةَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ خَرَجَتْ وَخَرَجْتُ فَالْتَقَيْنَا وَجَلَسْتُ أَشْكُو إِلَيْهَا فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ وَقَفَ شَيْخٌ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ السَّلامَ فَقَالَ مَا جلوسك هَا هُنَا قُلْتُ حَاجَةً لِي فَقَالَ وَمَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ قُلْتُ بَعْضُ أَهْلِي قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تُخْرِجُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ قُلْتُ حَاجَةٌ عَرَضَتْ فَقَالَ لِي يَا هَذَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات} وَتَلا الآيَةَ فَإِيَّاكَ يَا هَذَا أَنْ تَكُونَ لِلْسَيِّئَاتِ مُجْتَرِحًا فَإِنَّ اللَّهَ مُسَائِلُ كُلَّ نَفْسٍ عَمَّا عَمِلَتْ فَإِيَّاكَ لَا يَفْضَحْكَ عِنْدَ السُّؤَالِ إِذْ لَا عُذْرَ لَكَ ثُمَّ قَالَ قُومَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا

فَقُمْنَا وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْطُوَ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْهُ وَشِدَّةِ هَيْبَتِهِ فَلَمَّا تَوَلَّيْتُ قَالَ انْظُرْ مَا أَوْصَيْتُكَ بِهِ فَإِنَّهُ مَعَكَ وَهُوَ يَرَاكَ حَيْثُ كُنْتَ

ثُمَّ مَضَى فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ اعْصِمْهُمَا حَتَّى لَا يَعْصِيَاكَ وَكَأَنَّمَا فَرَغَ مِنْ قَلْبِي مَا كُنْتُ أَجِدُ فَأَتَيْتُ وَعَزَمْتُ عَلَى هَجْرِهَا فَأَتَانِي رَسُولُهَا بِالسَّلامِ فَقُلْتُ لَهُ لَا تَعُدْ إِلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ

فَلَمَّا بَلَّغَهَا الرَّسُولُ ذَلِكَ كَتَبَتْ إِلَيَّ هَذَا الشِّعْرَ

إِنِّي تَوَهَّمْتُ أَمْرًا لَا أُحَقِّقُهُ ... وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الظَّنِّ تَغْرِيرَا

فَإِنْ يَكُنْ مَا ظَنَنْتُ الْيَوْمَ يَا سَكَنِي ... حَقًّا فَقَدْ طَالَ تَعْذِيبِي وَتَفْكِيرِي

فَلَمَّا قَرَأْتُهُ كَتَبْتُ إِلَيْهَا

يَا مَنْ تَوَهَّمَ أَنِّي مِثْلَ مَا عَهِدَتْ ... لَا تُكْذَبِي لَسْتُ عِنْدَ الظَّنِّ وَالأَمَلِ

إِنِّي أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ يَلْحَقُنِي ... وَأَنْ يُقَرِّبَنِي حَتْفِي مِنَ الأَجَلِ

<<  <   >  >>