الْحَرْفَ بَعْدَ الْحَرْفِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ بَرِحَ مَكَانَهُ وَلا تَحَرَّكَ وَسَمِعْتُهَا تَقُولُ كَذَبْتَ وَاللَّهِ
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا الَّذِي كَذَّبَتْهُ فِيهِ
فَتَحَدَّثَا سَاعَةً ثُمَّ جَاءَنِي وَمَعَهُ قَوَيْرِيرَةً فِيهَا دُهْنٌ طَيِّبٌ فَقَالَ هَذِهِ دَهْنَةٌ أَتْحَفَتْنَا بِهَا مَيٌّ فَشَأْنُكَ بِهَا وَهَذِهِ قَلائِدٌ زَوَّدَتْنَاهَا لِلْجُؤْذَرِ فَلا وَاللَّهِ لَا قَلَّدْتَهُنَّ بَعِيرًا أَبَدًا ثُمَّ عَقَدَهُنَّ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِهِ
قَالَ وَانْصَرَفْنَا فَلم نزل تخْتَلف إِلَيْهَا مَرْبَعَنَا حَتَّى انْقَضَى
ثُمَّ جَاءَنِي يَوْمًا فَقَالَ يَا عِصْمَةُ قَدْ ظَعَنَتْ مَيٌّ فَلَمْ يَبْقَ إِلا الدِّيَارُ وَالنَّظَرُ فِي الآثَارِ فَامْضِ بِنَا نَنْظُرْ إِلَى آثَارِهَا
فَخَرَجْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى دِيَارِهَا فَجَعَلَ يَنْظُرُ ثُمَّ قَالَ
أَلا فَاسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبَلَى ... وَلا زَالَ مُنْهَلا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ
وَإِنْ لَمْ تَكُونِي غَيْرَ شَامٍ بِقَفْرَةٍ ... تَجُرُّ بِهَا الأَذْيَالُ صَيْفِيَّةٌ كَدْرُ ثُمَّ انْتَضَحَتْ عَيْنَاهُ بِعَبْرَةٍ فَقُلْتُ مَهْ فَقَالَ إِنِّي لَجَلِدٌ وَإِنْ كَانَ مِنِّي مَا تَرَى
فَمَا رَأَيْتُ صَبَابَةً قَطُّ وَلا تَجَلُدًا أَحْسَنَ مِنْ صَبَابَتِهِ وَتَجَلُّدِهِ يَوْمَئِذٍ
ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ
فَصْلٌ وَمِنْهُمْ تَوْبَةُ مَعَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وابْنُ نَاصِرٍ
قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ