الْبَابُ التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ أَدْوِيَةِ الْعِشْقِ
الْحِمْيَةُ الَّلازِمَةُ فِي زَمَانِ الصِّحَّةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ
وَمَتَى عُلِمَتْ أَسْبَابُ مَرَضٍ وَجَبَ اجْتِنَابُهَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطِّبَاعَ تَتَسَاوَى فِي الْمَيْلِ إِلَى الْهَوَى فَيَنْبَغِي لِلْحَازِمِ اجْتِنَابِ أَسْبَابِهِ فَمَتَى أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الطَّبِيبِ قَبْلَ أَنْ يَصْعُبَ التَّلافِي أَوْ يَحِلَّ التَّلَفُ
فَصْلٌ وَمِنَ التَّفْرِيطِ الْقَبِيحِ الَّذِي جَرَّ أَصْعَبَ الْجِنَايَاتِ عَلَى النَّفْسِ مُحَادَثَةُ
النِّسَاءِ الأَجَانِبِ وَالْخَلْوَةُ بِهِنَّ
وَقَدْ كَانَتْ عَادَةٌ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعَرَبِ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَارٍ وَيَثِقُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالامْتِنَاعِ مِنَ الزِّنَا وَيَقْنَعُونَ بِالنَّظَرِ وَالْمُحَادَثَةِ وَتِلْكَ الأَشْيَاءُ تَعْمَلُ فِي الْبَاطِنِ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ هَلَكُوا
وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَنَى عَلَى مَجْنُونِ لَيْلَى وَغَيْرِهِ مَا أَخْرَجَهُمْ بِهِ إِلَى الْجُنُونِ وَالْهَلاكِ
وَكَانَ غَلَطُهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدِهِمَا مُخَالَفَةُ الشَّرْعِ الَّذِي نَهَى عَنِ النَّظَرِ وَالْخُلْوَةِ
وَالثَّانِي تَعْرِيضِ الطَّبْعِ لِمَا قَدْ جُبِلَ عَلَى الْمَيْلِ إِلَيْهِ ثُمَّ مُعَانَاةُ كَفِّهِ عَنْ ذَلِكَ فَالطَّبْعُ يَغْلِبُ فَإِنْ غَلَبَ وَقَعَتِ الْمَعَاصِي وَإِنْ غُلِبَ حَصَلَ التَّلَفُ بِمَنْعِ الْعَطْشَانِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute