الْبَابُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى أَنْ زَنَا بِمَحَارِمِهِ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ نَجِيحٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مَسْتُورٌ كَانَ لِي صَدِيقًا وَكَانَ يَنْزِلُ بِقُرْبِ مَقَابِرِ الْخَيْزَرَانِ بِبَغْدَادَ قَالَ رَأَيْتُ لَيْلَةً فِي مَنَامِي كَأَنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ دَارِي إِلَى الْمَقْبَرَةِ عَلَى رَسْمِي فِي ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا أَنَا بِالْقُبُورِ مُفَتَّحَةٌ وَأَهْلُهَا يخرجُون مِنْهَا شعثا غيرا حُفَاةً عُرَاةً فَيَجْتَمِعُونَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ قَبْرٌ إِلا خَرَجَ مَنْ كَانَ فِيهِ ثُمَّ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُمْ دَفْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُدْفَنُ عِنْدَهُمْ فِي غَدٍ فَكَأَنِّي قَدْ سَأَلْتُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ هَذِهِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ دُفِنَتْ عِنْدَنَا تَأْذِينَا بِسَمَاعِ عَذَابِهَا وَمَا يَجْرِي عَلَيْهَا فَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ صَرْفَ دَفْنِهَا عَنَّا
قَالَ فَانْتَبَهْتُ فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا عَجَبًا شَدِيدًا وَطَالَ اللَّيْلُ بِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ الْحَفَّارِينَ هَلْ حَفَرُوا قَبْرًا لامْرَأَةٍ فَدَلَّنِي بَعْضُهُمْ عَلَى قُبَّةٍ عَظِيمَةٍ لِقَوْمٍ مِنَ التُّجَّارِ مَيَاسِيرَ قَدْ مَاتَتْ زَوْجَةُ أَحَدِهِمْ وَيُرِيدُ دَفْنَهَا فِي الْقَبْرِ وَقَدْ حُفِرَ لَهَا
قَالَ فَقَصَصْتُ الرُّؤْيَا عَلَى الْحَفَّارِينَ فَطَمُّوا الْقَبْرَ فِي الْحَالِ وَرَاعَيْتُ أَمْرَ الْمَرْأَةِ فَجَاءَ رُسُلُ الْقَوْمِ يَسْأَلُونَ عَنِ الْقَبْرِ فَقَالَ الْحَفَّارُونَ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَيْسَ يَتَأَتَّى فِيهِ قَبْرٌ لأَنَّا قَدْ وَقَعْنَا عَلَى حَمْأَةٍ تَحْتَ الأَرْضِ لايثبت فِيهَا مَيِّتٌ فَسَأَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْقِبَابِ أَنْ يَحْفُرُوا عِنْدَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ وَكَانَ الْخَبَرُ قَدِ اشْتُهِرَ بَيْنَ الْحَفَّارِينَ وَانْتَشَرَ فَمَضَوْا إِلَى مَقْبَرَةٍ أُخْرَى فَحَفَرُوا لِلْمَرْأَةِ فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ الْجَِنَازَةُ فَدُلِلْتُ فَحَضَرْتُ وَشَيَّعْتُ الْجَِنَازَةَ وَكَانَ الْجَمْعُ عَظِيمًا هَائِلا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute