لِمَ تَفْعَلُ هَذَا بِنَفْسِكَ قَالَ أُبْقِي عَلَى حِفْظِي قُلْتُ لَهُ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي حِفْظِكَ فَكَمْ قَالَ أَحْفَظُ ثَلاثَةَ عَشَرَ صُنْدُوقًا
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَلَمَّا وَقَعَ فِي عِلَّةِ الْمَوْتِ أَكَلَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ يَشْتَهِي وَقَالَ هِيَ عِلَّةُ الْمَوْتِ
قُلْتُ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَنْطِقِيُّ
غَيْرِي يَشُوقُ فُؤَادَهُ حَدَقُ الْمَهَا ... وَيَرُوقُهُ رَوْضُ الْخُدُودِ بِوَرْدِهِ
وَإِذَا تَثَنَّى خَوْطَ بَانٍ لَمْ أَكُنْ ... مِمَّنْ يَقُدُّ حَشَاهُ مُرْهَفُ قَدِّهِ
لَا أَنَّ طَبْعِي مَسَّهُ طَبْعٌ وَلا ... أَنِّي صَفًا يَنْبُو الْهَوَى عَنْ صَلْدِهِ
لَكِنَّ كُنْهِي لِلْمَسَاعِي عَاقَنِي ... عَنْ عَسْفِ قَلْبِي فِي الْحِسَانِ وَكَدِّهِ
وَإِذَا ابْنُ عَزْمٍ لَمْ يَقُمْ مُتَجَرِّدًا ... لِلْحَادِثَاتِ فَصَارِمٌ فِي غِمْدِهِ
وَالسَّيْفُ سُمِّيَ فِي النَّوَائِبِ عُدَّةً ... لِمَضَائِهِ فِيهِنَّ لَا لِفَرَنْدِهِ
فَصْلٌ وَمِنْ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ أُنْفَةُ النَّفْسِ الأَبِيَّةِ أَن تكون مقهورة فَإِن الْعَاقِل
ذَلِيلٌ مَقْهُورٌ وَكُلُّ مُوَافِقٍ لِلْهَوَى يَقَعُ عَلَيْهِ قَتْرَةً سَبَبُهَا أَنَّهُ قُهِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الافْتِخَارِ بِالْعَفَافِ مِنْ هَذَا طَرَفًا فَلْيُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ
فَصْلٌ وَمِنْ أَعْظَمِ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ إِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي قُبْحِ هَذِهِ الْحَالِ وَالإِصْغَاءِ
إِلَى سَمَاعِ الْعِظَةِ مِنْ وَاعِظِ الْقَلْبِ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَلْبِهِ وَاعِظٌ لَمْ تَنْفُعْهُ الْمَوَاعِظُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْمَعُ مَوْعِظَةً فَيَرْعَوِي وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى غَيْرَهُ فَيَنْتَهِي وَمَنِهُمْ مَنْ