قَالَ فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَحَا حُبَّهَا مِنْ قَلْبِي وَقُمْتُ مِنْ فوري فاعتذرت إِلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِعَارِضٍ طَرَقَنِي وَانْصَرَفْتُ وَأَوَّلُ قَصِيدَتِهِ
قِفُوا تَشْهَدُوا بَثِي وَإِنْكَارِ لائِمِي ... عَلَيَّ بُكَائِي فِي الرُّسُومِ الطَّوَاسِمِ
أَيَأْمَنُ أَنْ يَغْدُو حَرِيقًا تَنَفُّسِي ... وَإِلا غَرِيقًا فِي الدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
خُذُوا رَأْيَهُ إِنْ كَانَ يَتْبَعُ كُلَّ مَنْ ... يَنُوحُ عَلَى أُلافِهِ بِالْمَلاوِمِ
فَهَذَا حَمَامُ الأَيْكِ يَبْكِي هَدِيلَهُ ... بُكَائِي فَلْيَفْزَعِ لِلَوْمِ الْحَمَائِمِ
وَمَا هِيَ إِلا فُرْقَةٌ تَبْعَثُ الأَسَى ... إِذَا نَزَلَتْ بِالنَّاسِ أَوْ بِالْبَهَائِمِ
جَلا نَاظِرِي مِنْ نَوْمِهِ بَعْدَ خَلْوَةٍ ... مَتَى كَانَ مِنِّي النَّوْمَ ضَرْبَةَ لازَمِ
وَمِنْ شِعْرِهِ
قَالُوا اصْطَبِرْ وَهُوَ شَيْءٌ لَسْتُ أَعْرِفُهُ ... مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ صَبْرًا كَيْفَ يَصْطَبِرُ
أُوصِ الْخَلِيَّ بِأَنْ يُغْضِي الْمَلاحِظَ عَنْ ... غُرِّ الْوُجُوهِ فَفِي إِعْمَالِهَا غَرَرُ
وَفَائِقِ الْحُسْنِ قَتَّالِ الْهَوَى نَظَرَتْ ... عَيْنِي إِلَيْهِ فَكَانَ الْمَوْتُ وَالنَّظَرُ
ثُمَّ انْتَصَرْتُ بِعَيْنِي وَهِيَ قَاتِلَتِي ... مَاذَا تُرِيدُ بِقَلْبِي حِينَ تَنْتَصِرُ
يَا شِقَّةَ النَّفْسِ وَاصِلِهَا بِشِقَّتِهَا ... فَإنَّا أَنْفُسُ الأَعْدَاءُ تَهْتَجِرُ
ظَلَمْتِنِي ثُمَّ إِنِّي جِئْتُ مُعْتَذِرًا ... يَكْفِيكَ أَنِّي مَظْلُومٌ وَمُعْتَذِرُ
فَصْلٌ وَمِمَّا يُدَاوَى بِهِ الْبَاطِنُ تَصْوِيرُ فَقْدِ الْمَحْبُوبِ إِمَّا بِمَوْتِهِ أَوْ بِفُرَاقٍ يَحْدُثُ
عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ أَوْ بِنَوْعِ مَلَلٍ أَوْ بِتَغَيُّرِ حِلْيَتِهِ فَيَزُولُ مَا أَوْجَبَ الْمِحَنَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْحَدِّ الَّتِي خَسِرَ بِهَا الْمُحِبُّ جَاهَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَكَمْ مِمَّنْ مَاتَ فِي تِلْكَ الْحَالِ
وَقَدْ حَكَى أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ قَالَ لِغُلامٍ لَهُ وَكَانَ قَدْ عَشِقَ جَارِيَةً يَا فُلانُ لَا بُدَّ مِنْ فِرَاقِ هَذِهِ قَالَ لَا بُدَّ قَالَ فَاسْتَعْجِلْهُ وَارْبَحْ مَا بَيْنَهُمَا