للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فُصُولٌ فِي مُعَالَجَةِ الظَّاهِرِ فَصْلٌ

اعْلَمْ أَنَّ بَدَنَ الْعَاشِقِ إِذَا نَحُفَ أَسْرَعَتْ فِيهِ الْحَرَارَةُ إِلْهَابًا وَإِحْرَاقًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ التَّرْطِيبَاتِ كَشَمِّ الْبَنَفْسَجِ وَاللِّينُوفَرَ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ طُولِ مَكْثٍ فِيهِ وَالنَّوْمِ الطَّوِيلِ وَالتَّغَذِّي بِالأَغْذَيَةِ الرَّطِبَةِ وَلْيَنْظُرَ إِلَى الْمَاءِ الصَّافِي فِي الرِّيَاضِ النَّضِيرَةِ وَلْيُحَدِّثَ بِالنَّوَادِرِ الْمُضْحِكَةِ

فَصْلٌ وَمِنَ الْمُعَالِجَاتِ السَّفَرُ فَإِنَّهُ بِالسَّفَرِ يَتَحَقَّقُ الْبُعْدُ عَنِ الْمَحْبُوبِ وَكُلُّ

بَعِيدٍ عَنِ الْبَدَنِ يُؤَثِّرُ بُعْدُهُ فِي الْقَلْبِ فَلْيَصْبِرْ عَلَى مَضَضِ الشَّوْقِ فِي بِدَايَةِ السَّفَرِ صَبْرَ الْمُصَابِ فِي بِدَايَةِ مُصِيبَتِهِ ثُمَّ إِنَّ مَرَّ الأَيَّامِ يُهَوِّنُ الأَمْرَ

قَالَ زُهَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ الْكَلْبِيُّ

إِذَا مَا شِئْتَ أَنْ تَسْلُوَ حَبِيبًا ... فَأَكْثِرْ دُونَهُ عَدَدَ اللَّيَالِي

فَمَا سَلَّى حَبِيبَكَ غَيْرُ نَأْيٍ ... وَلا أَبْلَى جَدِيدَكَ كَابْتِذَالِ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ

وَإِنَّكَ لَمْ تَقْطَعْ لُبَانَةَ عَاشِقٍ ... بِمِثْلِ غُدُوٍّ أَو رواح مأوب

وَمعنى مأوب انه غذ السّير حَتَّى يؤوب صَاحِبُهُ عِنْدَ اللَّيْلِ يَقُولُ تَكُونُ اسْتِرَاحَتُهُ بِاللَّيْلِ

فَصْلٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُشْغِلُ الْقَلْبَ مِنَ الْمَعَاشِ وَالصِّنَاعَةِ فَإِنَّهُ يُسْلِي لأَنَّ الْعِشْقَ

<<  <   >  >>