سُوءَ أَدَبِهِ فَحَدَثَ مَا جَرَّنَا إِلَى الْيَأْسِ مِنْ إِفْلاحِهِ
قَالَ وَمَا ذَاكَ الَّذِي حَدَثَ قَالَ رَأَى ابْنَةَ فُلانٍ الْمَرْزُبَانِ فَعَشِقَهَا حَتَّى غَلَبَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ لَا يَهْدَى إِلا بِهَا وَلا يَتَشَاغَلُ إِلَّا بذكرهاز فَقَالَ بُهْرَامُ الآنَ رَجَوْتُ فَلاحَهُ ثُمَّ دَعَا بِأَبِي الْجَارِيَةِ فَقَالَ لَهُ إِنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكَ سِرًّا فَلا يَعْدُونَكَ فَضَمِنَ لَهُ سِتْرَهُ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ ابْنَهُ قَدْ عَلِقَ ابْنَتَهُ وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُنْكِحَهَا إِيَّاهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهَا بِإِطْمَاعِهِ فِي نَفْسِهَا وَمُرَاسَلَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا وَتَقَعْ عَيْنُهُ عَلَيْهَا فَإِذَا اسْتَحْكَمَ طَمَعُهُ فِيهَا تَجَنَّتْ عَلَيْهِ وَهَجَرَتْهُ فَإِنِ اسْتَعْتَبَهَا أَعْلَمَتْهُ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلا لِمَلِكٍ وَمَنْ هِمَّتُهُ هِمَّةُ مَلِكٍ وَأَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ مَوَاصَلَتِهِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ ثُمَّ لِيُعْلِمُهُ خَبَرَهَا وَخَبَرَهُ وَلا يُطْلِعُهَا عَلَى مَا أَسَرَّ إِلَيْهِ
فَقَبِلَ أَبُوهَا ذَلِكَ مِنْهُ
ثُمَّ قَالَ لِلْمُؤَدِّبِ الْمُوَكَّلِ بِهِ خَوِّفْهُ وَشَجِّعْهُ عَلَى مُرَاسَلَةِ الْمَرْأَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَتِ الْمَرْأَةُ مَا أَمَرَهَا بِهِ أَبُوهَا فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى التَّجَنِّي عَلَيْهِ وَعَلِمَ الْفَتَى السَّبَبَ الَّذِي كَرِهَتْهُ لَهُ أَخَذَ فِي الأَدَبِ وَطَلَبِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَالرِّمَايَةِ وَضَرْبِ الصَّوَالِجَةِ حَتَّى مُهِرَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَفَعَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ مِنَ الدَّوَابِّ وَالآلاتِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلابِسِ وَالنُّدَمَاءِ إِلَى فَوْقِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمَلِكُ وَأَمَرَ لَهُ بِهِ ثُمَّ دَعَا مُؤَدِّبَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَضَعَ بِهِ ابْنِي نَفْسَهُ مِنْ حُبِّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يُزْرِي بِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيَّ أَمْرَهَا وَيَسْأَلُنِي أَنْ أُزَوِّجَهُ إِيَّاهَا
فَفَعَلَ
فَرَفَعَ الْفَتَى ذَلِكَ إِلَى أَبِيهِ فَدَعَا بِأَبِيهَا فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِتَعْجِيلِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِذَا اجْتَمَعْتَ وَهِيَ فَلا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى أَصِيرَ إِلَيْكَ فَلَمَّا اجْتَمَعَا صَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ لَا يَضَعَنَّ عِنْدَكَ مِنْهَا مُرَاسَلَتُهَا إِيَّاكَ وَلَيْسَتْ فِي حِبَالِكَ فَإِنِّي أَنَا أَمَرْتُهَا بِذَلِكَ وَهِيَ أَعْظَمُ النَّاسِ مِنْهُ عَلَيْكَ بِمَا دَعَتْكَ إِلَيْهِ مِنْ طَلَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute