كَمْ خَلِيٍّ غَدَا إِلَيْهِ وَأَمْسَى ... وَهُوَ يَهْذِي بِعُلْوَةَ وَبِهِنْدِ
وَلأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَنْبَرِيُّ
يَا صَاحِ إِنِّي مُذْ عَرَفْتُ الْهَوَى ... غَرِقْتُ فِي بَحْرٍ بِلا سَاحِلِ
عَيْنِي لِحِينِي نَظَرَتْ نَظَرَةً ... رُحْتُ لَهَا فِي شُغْلِ شَاغِلِ
عَلِقْتُهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ فَارِسٍ ... لَكِنَّهُ فِي السِّحْرِ مِنْ بَابِلِ
يَظْلِمُنِي وَالْعَدْلُ مِنْ شَأْنِهِ ... مَا أَوْجَعَ الظُّلْمَ مِنَ الْعَادِلِ
وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِعُ
يَا قلب صبرا لنبل غُنْجٍ ... مِنْ مُقْلَةِ الشَّادَنِ الْمَلِيحَهْ
هَذَا الَّذِي كُنْتُ فِي مَسَاءٍ ... أَنْهَاكَ عَنْهُ وَفِي صَبِيحَهْ
حَتَّى إِذَا مَا وَقَعْتُ فِيهِ ... وَصِرْتَ فِي حَالَةٍ قَبِيحَهْ
جِئْتَ مِنَ الْحُبِّ مُسْتَغِيثًا ... تَسْأَلُنِي سَلْوَةً مُرِيحَهْ
كَطَالِبِ الرُّشْدِ عِنْدَ أَعْمَى ... وَقَابِسِ النَّارِ فِي الْبَطِيحَهْ
سَوْفَ أُنَادِي عَلَيْكَ حَتَّى ... تَصِيرَ بَيْنَ الْمَلا فَضِيحَهْ
هَذَا جَزَا مَنْ نَصَحْتُ جَهْدِي ... لَهُ فَلَمْ يَقْبَلِ النَّصِحيَهْ وَلَهُ أَيْضًا
أَبَتْ نَارُ قَلْبِكَ إِلَّا استعارا ... وَمَاء شؤونك إِلا انْهِمَارَا
وَكُنْتَ صَبُورًا قُبَيْلَ الْفِرَاقِ ... فَهَلا أَطَقْتَ عَلَيْهِ اصْطِبَارَا
أَهَابَ بِقَلْبِكَ دَاعِي النَّوَى ... غَدَاةَ الْوَدَاعِ أَلا لَا فِرَارَا
فَأَزْمَعْ إِذَا أَزْمَعُوا نِيَّةَ ... فِرَاقَ حَشَاكَ وَسَارُوا فَسَارَا
فَلَسْتَ تَرَاكَ ضَنًي بَعْدَهَا ... عُيُونُ الْعَوَائِدِ حَتَّى تُمَارَى كَأَنْ لَمْ يُطِفْ بِسَوَاكَ الْهَوَى ... وَلا احْتَلَّ غَيْرَ سُوَيْدَاكَ دَارَا