للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ انْصَرَفْتُ سَخِينَ الْعَيْنِ قَرِحَ الْقَلْبِ فَهَذَا الَّذِي تَرَى مِنَ التَّغَيُّرِ مِنْ عِشْقِي لَهَا

فَضَحِكَ الرَّشِيدُ حَتَّى اسْتَلْقَى فَقَالَ وَيْحَكَ يَا عبد الْملك ابْن سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً يَعْشَقُ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأَدَبِ أَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَوَكِّلِ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مَحْبُوبَةٌ وَكَانَتْ مِنَ الأَدَبِ وَالإِحْسَانِ فِي الْغِنَاءِ عَلَى غَايَةِ مَا يَكُونُ مِثْلُهَا وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ يَجِدُ بِهَا وِجْدًا شَدِيدًا وَكَانَتْ لَهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُتَوَكِّلِ مَا كَانَ تَفَرَّقَتِ الْجَوَارِي إِلَى الْقُوَّادِ فَصَارَتْ مَحْبُوبَةٌ إِلَى وَصِيفٍ فَكَانَ لِبَاسَهَا الْبَيَاضُ الْخَشِنُ وَكَانَتْ تَذْكُرُهُ فَتَشْهَقُ وَتَنْتَحِبُ

قَالَ فَجَلَسَ وَصِيفٌ يَوْمًا لِلْشُرْبِ وَجَلَسَ الْجَوَارِي الَّلاتِي كُنَّ لِلْمُتَوَكِّلِ فِي الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ وَجَاءَتْ مَحْبُوبَةٌ فِي مِعْجَرٍ أَبْيَضَ فَجَلَسَتْ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ دَارَ النَّبِيذُ بَيْنَ النُّدَمَاءِ فَأَقْبَلَ وَصِيفٌ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جَوَارِي الْمُتَوَكِّلِ وَكَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ جَمَاعَةٌ فَقَالَ غَنِّينَ فَمَا بَقِيَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلا غَنَّتْ وَطَرِبَتْ وَضَحِكَتْ وَشَرِبَتْ إِلَى أَنْ أَوْمَأَ وَصِيفٌ إِلَى مَحْبُوبَةَ بِالْغِنَاءِ فَقَالَتْ إِنْ رَأَى الأَمِيرُ أَنْ يَعْفِيَنِي فَأَبَى وَقَالَ لَهَا الْجَوَارِي لَوْ كَانَ فِي الْحُزْنِ فَرَجٌ لَحَزِنَّا مَعَكِ وَجِيءَ بِعُودٍ فَوُضِعَ فِي حِجْرِهَا فَسَوَّتْهُ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ

أَيُّ عَيْشٍ يَطِيبُ لِي ... لَا أَرَى فِيهِ جَعْفَرَا

مَلِكٌ قَدْ رَأْتُهُ ... عَيْنِي جَرِيحًا مُعَفَّرَا

<<  <   >  >>