فَغَنَّتْهُ فَشَرِبَ الرَّطْلَ الثَّانِي وَحَادَثَهَا سَاعَةً فَاسْتَعْجَلَهُ الْخَادِمُ فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي وَأَخَذَ الرَّطْلَ بِيَدِهِ وَاسْتَوْدَعَهَا اللَّهَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَدُمُوعِهِ تَسْتَبِقُ اسْتِبَاقَ الْمَطَرِ وَقَالَ إِذَا شِئْتِ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي
أَحْسَنَ مَا كَنَّا تَفَرَّقْنَا ... وَخَانَنَا الدَّهْرُ وَمَا خُنَّا
فَلَيْتَ ذَا الدَّهْرِ لَنَا مَرَّةً ... عَادَ لَنَا يَوْمًا كَمَا كُنَّا
فغنته الصَّوْت فَقلت الْفَتَى طَرْفَهُ فَبَصَرَ بِدَرَجَةٍ فَأَمَّهَا فَاتَّبَعَهُ الْخَدَمُ لِيَهْدُوهُ الطَّرِيقَ فَفَاتَهُمْ وَصَعَدَ الدَّرَجَةَ فَأَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى الأَرْضِ عَلَى رَأْسِهِ فَخَرَّ مَيِّتًا فَقَالَ الرَّشِيدُ عَجِلَ الْفَتَى وَلَوْ لَمْ يَعْجَلْ وَهَبْنَاهَا لَهُ
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ حَسَنُ بْنُ الأَشْكُرِيُّ الْمِصْرِيُّ قَالَ كُنْتُ مِنْ جُلَّاسِ الأَمِيرِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ وَمِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ جِدًّا قَالَ فَبَعَثَ إِلَيَّ بَغْدَادَ فَاشْتَرَيْتُ لَهُ جَارِيَةً رَائِعَةً مِنْ أَفْضَلِ مَا وُجِدَ فِي الْحسن والغناء فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ أَقَامَ دَعْوَة لجلسائه قَالَ وَأَنَا فِيهِمْ ثُمَّ وُضِعَتِ السِّتَارَةُ فَأَمَرَهَا بِالْغِنَاءِ فَغَنَّتْ
وَبَدَا لَهُ مِنْ بَعْدِ مَا انْدَمَلَ الْهَوَى ... بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِنًا لَمَعَانُهُ
يَبْدُو كَحَاشِيَةِ الرِّدَاءِ وَدُونَهُ ... صَعْبُ الذُّرَى مَتَمَنِّعٌ أَرْكَانُهُ
فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هَذَانِ الْبَيْتَانِ
فَبَدَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ لاحَ فَلَمْ يُطِقْ ... نظرا إِلَيْهِ وصده سحانه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute