للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ

نَعَمْ وَبَلَى قَالا مَتَى كُنْت هَكَذَا ... لِيَسْتَخْبِرَانِي قُلْت مِنْذُ زَمَانٍ

فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمَانِهَا ... وَلا سَلْوَةٍ إِلا بِهَا سَقَيَانِي

فَقَالَا شفاك الله وَالله مَا لَنَا ... بِمَا حَمَلَتْ مِنْكَ الضُّلُوعُ يَدَانِ

ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَقُلْتُ أَيُّهَا الْعَجُوزُ مَا أَظُنُّ هَذَا النَّائِمَ بِفِنَاءِ بَيْتِكِ إِلا مَاتَ فَقَالَتْ نَفْسُهُ وَاللَّهِ نَفْسُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ

فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَالا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ تَعَالَى فَاغْتَمَمْتُ وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ لِكَلامِي فَلَمَّا رَأَتِ الْعَجُوزُ جَزَعِي قَالَتْ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ بِأَجَلِهِ وَاسْتَرَاحَ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَقَدِمَ عَلَى رَبٍّ غَفُورٌ فَهَلْ لَكَ فِي اسْتِكْمَالِ الأَجْرِ هَذِهِ الأَبْيَاتُ مِنْكَ قَرِيبٌ تَأْتِيهِمْ فَتَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ وَتَسْأَلْهُمْ حُضُورَهُ

فَرَكِبْتُ فَأَتَيْتُ أَبْيَاتًا مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَيْلٍ فَنَعَيْتُهُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ حَفِظْتُ الشِّعْرَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ مِنْهُمْ يَسْتَرْجِعُ

فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ خِبَائِهَا تَجُرُّ خِمَارَهَا نَاشِرَةً كَأَنَّهَا الشَّمْسُ طَالِعَةً فَقَالَتْ أَيُّهَا النَّاعِي بِفِيكَ الْكَثْكَثُ بِفِيكَ الْحَجَرُ مَنْ تَنْعَى قُلْتُ عُرْوَةَ بْنَ حُزَامٍ قَالَتْ بِالَّذِي أُرْسِلَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَاصْطَفَاهُ بِالنُّبُوَةِ هَلْ مَاتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ مَاذَا فَعَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَنْشَدْتُهَا الشِّعْرَ فَوَاللَّهِ مَا نَهْنَهَتْ أَنْ قَالَتْ

عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا خَلِيلِي ... مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ وَاشٍ حَسُودُ

أَشَاعُوا مَا سَمِعْتَ مِنَ الدَّوَاهِي ... وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ

<<  <   >  >>