أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ كَذَبْتَنِي لَقَدْ فَضَحْتَنِي وَإِنْ كُنْتَ صَدَقَتَنِي لَقَدْ قَتَلْتَنِي ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ
وَإِنَّ سُلُوِّيَ عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعَةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ مَا جَاءَتْ وَلا جَاءَ حِينُهَا
سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ ... إِذَا مِتَّ بَأْسَاءُ الْحَيَاةُ وَلِينُهَا
وَيُقَالُ إِنَّهَا لَمْ تَقُلْ شِعْرًا غَيْرَهُ وَمِنْ مُسْتَحْسَنِ أَشْعَارِ جَمِيلٍ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ
خَلِيلَيَّ عُوجَا الْيَوْمَ حَتَّى تُسَلِّمَا ... عَلَى عَذْبَةُ الأَنْيَابِ طَيِّبَةُ النَّشْرِ
فَإِنَّكُمَا إِنْ عُجْتُمَا لِي سَاعَةً ... شَكَرْتُكَمَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي قَبْرِي
وَإِنَّكُمَا إِنْ لَمْ تَعُوجَا فَإِنَّنِي ... سَأَصْرِفُ وِجْدِي فَائْذَنَا الْيَوْم بالهجر
وَمَالِي لَا أَبْكِي وَفِي الأَيْكِ نَائِحٌ ... وَقَدْ فَارَقَتْنِي شَخْتَةُ الْكَشْحِ وَالْخَصْرِ
أَيَبْكِي حَمَامُ الأَيْكِ مِنْ فَقْدِ إِلْفِهِ ... وَأَصْبِرُ مَا بِي عَنْ بُثَيْنَةَ مِنْ صَبْرِ
يَقُولُونَ مَسْحُورٌ يُجَنُّ بِذِكْرِهَا ... وَأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جُنُونٍ وَلا سِحْرُ
وَأُقْسِمُ لَا أَنْسَاكِ مَا ذَرَّ شَارِقٌ ... وَمَا خَبَّ آلٌ فِي مُلَمَّعَةِ قَفْرِ
وَمَا لاحَ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ مُعَلَّقٌ ... وَمَا أَوْرَقَ الأَغْصَانُ مِنْ وَرَقِ السِّدْرِ
لَقَدْ شَغَفَتْ نَفْسِي بُثَيْنُ بِذِكْرِكُمْ ... كَمَا يُشْغَفُ الْمَخْمُورُ يَا بُثْنُ بِالْخَمْرِ
ذَكَرْتُ مَقَامِيَ لَيْلَةَ الْبَانِ قَابِضًا ... عَلَى كَفِّ حَوْرَاءَ الْمَدَامِعِ كَالْبَدْرِ