فَقَالَتْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِجَمِيعِ مَا أَعْرِفُهُ مِنْهَا وَمِنْ نَفْسِي مَعَهَا طَالَ وَبَكَتْ وَقَالَتْ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي تَائِبَةٌ مِنْذُ سِنِينَ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو لَهَا التَّوْبَةَ فَمَا فَعَلَتْ وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ بِثَلاثَةِ أَحْوَالٍ مِنْ أَفْعَالِهَا وَهِيَ عِنْدِي أَعْظَمُ ذُنُوبِهَا فَقُلْنَا قُولِي
فَقَالَتْ لِلْفَتَى كَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ زِنًا وَمَا كَانَ يَمْضِي يَوْمٌ إِلا تُدْخِلُ إِلَى دَارِ أَبِيكَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ الرَّجُلَ وَالرّجلَيْنِ فيطأونها وَيَخْرُجُونَ وَيَكُونُ دُخُولُهُمْ بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْحِيَلِ وَأَبُوكَ فِي سُوقِهِ فَلَمَّا نَشَأْتَ أَنْتَ وَبَلَغْتَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ خَرَجْتَ فِي نَهَايَةَ الْمَلاحَةِ فَكُنْتُ أَرَاهَا تَنْظُرُ إِلَيْكَ نَظَرَ شَهْوَةٍ فَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَتْ لِي يَوْمًا يَا أُمِّي قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِي عِشْقَ ابْنِي هَذَا وَلا بُدَّ لِي أَنْ يَطَأَنِي فَقُلْتُ لَهَا يَا بِنْتي اتَّقِ اللَّهَ وَلَكِ فِي الرِّجَالِ غَيْرُهُ مُتَّسَعٌ فَقَالَتْ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا أَوْ كَيْفَ يَجِيئُكِ وَهُوَ صَبِيٌّ وَتَفْتَضِحِينَ وَلا تَصِلِينَ إِلَى بُغْيَتِكِ فَدَعِي هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَتْ لَا بُدَّ أَنْ تُسَاعِدِينِي فَقُلْتُ أَعْمَلُ مَاذَا فَقَالَتْ تَمْضِينَ إِلَى فُلانٍ الْمُعَلِّمُ وَكَانَ مُعَلِّمًا فِي جِوَارِنَا أَدِيبًا وَرَسْمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا رِقَاعًا إِلَى عُشَّاقِهَا وَيُجِيبُ عَنْهَا فَتَبَرُّهُ وَتَعْطِيَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَقَالَتْ قُولِي لَهُ يَكْتُبْ إِلَيْهِ رُقْعَةً يَذْكُرُ فِيهَا عِشْقًا وَشَغَفًا وَوَجْدًا وَيَسْأَلُهُ الاجْتِمَاعَ وَأَوْصِلِي الرُّقْعَةَ كَأَنَّهَا مِنْ فُلانَةَ وَذَكَرَتْ صَبِيَّةً مِنَ الْجِيرَانِ مَلِيحَةً قَالَتِ الْعَجُوزُ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَأَخَذْتُ الرُّقْعَةَ وَجِئْتُكَ بِهَا فَلَمَّا سَمِعْتَ ذِكْرَ الصَّبِيَّةِ الْتَهَبَ قَلْبُكَ نَارًا وَأَجَبْتَ عَنِ الرُّقْعَةِ تَسْأَلُهَا الاجْتِمَاعَ عِنْدَهَا وَتَذْكُرُ أَنَّهُ لَا مَوْضِعَ لَكَ فَسَلَّمْتُ الْجَوَابَ إِلَى وَالِدَتِكَ فَقَالَتِ اكْتُبِي إِلَيْهِ عَنِ الصَّبِيَّةِ أَنْ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَأَنَّ سَبِيلَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَإِذَا قَالَ لَكِ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ فَأَعِدِّي لَهُ الْغُرْفَةَ الْفُلانِيَّةَ وَافْرِشِيهَا وَاجْعَلِي فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute