للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَمْ يَرُدَّ الشَّابُّ فَتَفَرَّسَتْ فِيَّ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ مِنْ غَيْرِ مِرْزَأَةٍ

فَقُلْتُ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ الأَجْرَ وَإِنْ رُزِئْتُ

قَالَتْ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ عَلِقَهَا وَهُمَا صَغِيرَانِ فَلَمَّا حُجِبَتْ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا وَنَحْنُ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْلَفُ الْمَرْأَةَ فِي صِغَرِهِ لَمْ يُزَوِّجُوهُ مَخَافَةَ أَنْ تُرْمَى بِالْعَيْبِ فَيُقَالُ قَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوءٌ قَبْلَ التَّزْوِيجِ

قَالَتْ وَخَطَبَ الْمَرْأَةَ ابْنُ عَمٍّ لَهَا آخَرُ فَزُوِّجَتْ مِنْهُ

فَهُوَ عَلَى مَا تَرَى مُنْذُ بَلَغَهُ لَا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ وَلَا يُصَلِّي وَلَا يعقل فَلَو وعظته

قَالَ فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أَدَعْ لَهُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْعِظَةِ إِلا وَعَظْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ أَتَرْغَبُ فِيمَنْ لَا يَرْغَبُ فِيكَ وَإِنْ عَظُمَتْ عَلَيْكَ الْمُصِيبَةُ فِيهَا فَاذْكُرْ مُصِيبَتَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَعَظُمَتْ عَلَيْهِ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمُصِيبَاتِ

قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْعِظَةِ إِلا وَعَظْتُهُ بِهَا وَفَتَلْتُ لَهُ فِي الذُّرْوَةِ وَالْغَارِبِ وَمَا يَحِيرُ كَلِمَةً وَلا جَوَابًا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالَ

أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ

مَرِضْتُ فَعَادَنِي أَهْلِي جَمِيعًا ... فَمَا لَكِ لَمْ تُرَيْ فِيمَنْ يَعُودُ

<<  <   >  >>