مِنْهُ رِزْقًا فَيَكْشِفَ بِهِ بَعْضَ مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهَا نَشَطَ لِلْخُرُوجِ فَتَجَهَّزَ وَمَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الرُّصَافَةِ عَلَى أَمْيَالٍ خَطَرَ ذِكْرُهَا بِقَلْبِهِ وَتَمَثَلَّتْ لَهُ فَلَبِثَ سَاعَةً شَبِيهًا بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لِلْجَمَّالِ احْبِسْ فَحَبَسَ إِبِلَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ
بَيْنَمَا نَحْنُ مِنْ بِلَا كث فَالْقَاعِ ... سِرَاعًا وَالْعِيسُ تَهْوِي هَوِيَّا
خَطَرَتْ خَطْرَةٌ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ ذِكْرَاكِ ... وَهْنًا فَمَا أَطَقْتُ مُضِيَّا
قُلْتُ لَبَيِّكِ إِذْ دَعَانِي لَكَ الشَّوْقُ ... وَلِلْحَادِيِّينَ رُدَّا الْمَطِيَا
ثُمَّ قَالَ لِلْجَمَّالِ ارْجِعْ بِنَا فَقَالَ لَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ قَدْ بَلَغْتَ وَهَذِهِ أَبْيَاتُ الرُّصَافَةِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا تَخْطُو خُطْوَةً إِلا رَاجِعَةً
فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ لَقِيَهُ بَعْضُ بَنِي عَمِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَتَهُ قَدْ تُوُفِّيَتْ فَشِهَقَ شَهْقَةً وَسَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ مَيِّتًا
أخبرنَا عمر بن ظفر المقرىء وَشُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحسن ابْن جَهْضَمٍ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاتِبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَرْجَلانِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَابِدُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا بِالْكُوفَةِ شَابٌّ يَتَعَبَّدُ لازِمٌ لِلْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْهُ وَكَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْقَامَةِ حَسَنَ السَّمْتِ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَعَقْلٍ فَشُغِفَتْ بِهِ وَطَالَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَفَتْ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَتْ لَهُ يَا فَتَى اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا ثُمَّ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَمَضَى وَلَمْ يُكَلِّمْهَا ثُمَّ وَقَفَتْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَتْ لَهُ يَا فَتَى اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute