للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَا أَبِيعَكَهَا بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ قَالَ قَدْ أَخَذْتُهَا قَالَ هِيَ لَكَ قَالَ قَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَانْصَرَفَ الْعِرَاقِيُّ

فَلَمَّا أَصْبَحَ عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَشْعُرْ إِلا بِالْمَالِ قَدْ وَافَى بِهِ فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ قَدْ بَعَثَ الْعِرَاقِيُّ بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا ثَمَنُ عُمَارَةٍ فَرَدَّهَا وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكَ وَمِمَّا أُعْلِمُكَ أَنَّ مِثْلِي لَا يَبِيعُ مِثْلَهَا فَقَالَ لَهُ جَعَلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْجِدَّ وَالْهَزْلَ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَيْحَكَ مَا أَعْلَمُ جَارِيَةً تُسَاوِي مَا بَذَلْتَ وَلَوْ كُنْتُ بَائِعُهَا مِنْ أَحَدٍ لآثَرْتُكَ وَلَكِنِّي كُنْتُ مَازِحًا وَمَا أَبِيعَهَا بِمِلْكِ الدُّنْيَا لِحُرْمَتِهَا بِي وَمَوْضِعِهَا مِنْ قَلْبِي فَقَالَ الْعِرَاقِيّ إِن كنت مازحا فَإِن كُنْتُ جَادًّا وَمَا اطَّلَعْتُ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ وَقَدْ مَلَكْتُ الْجَارِيَةَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِثَمَنِهَا وَلَيْسَتْ تَحِلُّ لَكَ وَمَالِي مِنْ أَخْذِهَا بُدٌّ

فَمَانَعَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَلَكِنِّي أَسْتَحْلِفُكَ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْبَرِهِ

فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ الْجِدَّ قَالَ بِئْسَ الضَّيْفُ أَنْتَ مَا طَرَقَنَا طَارق وَلَا نزل بِنَا فازل أَعْظَمُ بَلِيَّةً مِنْكَ أَتُحَلِّفُنِي فَيَقُولُ النَّاسُ اضْطَهَدَ عَبْدُ اللَّهِ ضَيْفَهُ وَقَهَرَهُ فَأَلْجَأَهُ إِلَى أَنِ اسْتَحْلَفَهُ أَمَا وَاللَّهِ لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنِّي سَائِلُهُ فِي هَذَا الأَمْرِ الصَّبْرَ وَحُسْنَ الْعَزَائِمِ

ثُمَّ أَمَرَ قَهْرَمَانَةَ بِقَبْضِ الْمَالِ فِيهِ وَتَجْهِيزِ الْجَارِيَةِ بِمَا يُشْبِهُهَا مِنَ الْخَدَمِ وَالثِّيَابِ وَالطِّيبِ

فَجُهِّزَتْ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا لَكَ وَلَكَ عِوَضَهَا مِمَّا أَلْطَفْتَنَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

فَقَبَضَ الْعِرَاقِيُّ الْجَارِيَةَ وَخَرَجَ بِهَا فَلَمَّا بَرَزَ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ لَهَا يَا عُمَارَةُ إِنِّي

<<  <   >  >>