عَلَيْنَا فَقَدَرْتُ أَنْ تَصِيرِي إِلَى هَذَا الْمَلِكِ لِتَنْبَسِطِي فِي شَهَوَاتِكِ وَإِرَادَاتِكِ
فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ وَاللَّهِ يَا مَوْلايَ لَوْ مَلَكْتُ مِنْكَ مَا مَلَكْتَ مِنِّي مَا بِعْتُكَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَبَعْدُ فَاذْكُرِ الْعَهْدَ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ لَهَا أَلا يَأْكُلَ لَهَا ثَمَنًا
قَالَ فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنُ الْمَوْلَى وَقَالَ اشْهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ وَأَنِّي تَزَوَّجْتُهَا وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي
فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ انْهَضْ بِنَا
قَالَ فَدَعَوْتُ الْحَمَّالِينَ لِيَحْمِلُوا الْمَالَ
قَالَ جَعْفَرٌ لَا وَالله يَصْحَبُنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ
قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَوْلاهَا فَقَالَ هُوَ لَكَ مُبَارَكٌ لَكَ فِيهِ أَنْفِقْهُ عَلَيْهَا وَعَلَيْكَ وَقُمْنَا فَخَرَجْنَا
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَليّ ابْن أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ رَوَى أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِي عَنِ الرِّيَاشِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ اشْتَرَى صَبِيَّةً فَأَحْسَنَ تَأَدِّيبَهَا وَتَعْلِيمَهَا وَأَحَبَّهَا كُلَّ الْمَحَبَّةِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى أَمْلَقَ وَحَتَّى مَسَّهَا الضُّرُّ الشَّدِيدُ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ إِنِّي لأَرْثِي لَكَ يَا مَوْلايَ مِمَّا أَرَى بِكَ مِنْ سِوءِ الْحَالِ فَلَوْ بِعْتَنِي وَاتَّسَعْتَ بِثَمَنِي فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَصْنَعَ لَكَ وَأَقَعَ أَنَا بِحَيْثُ يَحْسُنُ حَالِي فَيَكُونُ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا
قَالَ فَحَمَلَهَا إِلَى السُّوقِ فَعُرِضَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيِّ وَهُوَ أَمِير الْبَصْرَة يؤمئذ فَأَعْجَبَتْهُ فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ
فَلَمَّا قَبَضَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ وَأَرَادَ الانْصَرَافَ اسْتَعْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى صَاحِبِهِ بَاكِيًا وَأَنْشَأَتِ الْجَارِيَةُ تَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute