قَالَ فَسَفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ أَغَدْرًا وَانْتِكَاثًا يَا فَاسِقُ وَإِنَّكَ لَهَا هُنَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ فَبُهِتَ وَأُبْلِسَ وَلَمْ يَنْطِقْ وَتَحَيَّرَ وَخَجِلَ
فَقَالَتْ قَاتل الله جميلا حَيْثُ يَقُولُ
لَحَى اللَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُ الْوُدُّ عِنْدَهُ ... وَمَنْ حَبْلُهُ إِنْ مُدَّ غَيْرُ مَتِينِ
وَمَنْ هُوَ ذُو وَجْهَيْن لي بِدَائِمٍ ... عَلَى الْعَهْدِ حَلافٌ بِكُلِّ يَمِينِ
فَأَنْشَأَ كُثَيِّرٌ بِانْخِزَالٍ وَحَصْرٍ وَانْكِسَارٍ يَعْتَذِرُ إِلَيْهَا وَيَتَنَصَّلُ مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَيَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ جَمِيلٍ وَيُقَالُ بَلْ سَرَقَهُ مِنْ جَمِيلٍ وَنَحَلَهُ نَفْسَهُ فَقَالَ
أَلا لَيْتَنِي قَبْلَ الَّذِي قُلْتُ شِيبَ لِي ... مِنَ الْمُذْعِفِ الْقَاضِي وَسُمِّ الذُّرَارِحِ
فَمِتُّ وَلَمْ تَعْلَمْ عَلَيَّ خِيَانَةً ... أَلا رُبَّ بِاغِي الرِّبْحَ لَيْسَ برابح
فَلَا تحمليها واجعلهيا جِنَايَةً ... تَرَوَّحْتُ مِنْهَا فِي مِيَاحَةِ مَائِحِ
أَبُوءُ بِذَنْبِي إِنَّنِي قَدْ ظَلَمْتُهَا ... وَإِنِّي بِبَاقِي سِرِّهَا غَيْرُ بَائِحِ
وَرَوَى الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ النِّمْرُ بْنُ تَوْلَبَ امْرَأَةً ثُمَّ جَزِعَ عَلَيْهَا حَتَّى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ وَمَكَثَ أَيَّامًا لَا يَطْعَمُ وَلا يَنَامُ فَلامَهُ عَشِيرَتُهُ وَصَبَّرُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا دَعْدُ جَمِيلَةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَشَغَلَتْهُ عَنْ ذِكْرِ امْرَأَتِهِ الأُولَى وَفِيهَا يَقُولُ
أَهِيمُ بِدَعْدٍ مَا حَييتُ فَإِنْ أمت ... فياحرتا مِمَّنْ يَهِيمُ بِهَا بَعْدِي
وَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَصَدَ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُ قَدْ قُلْتُ بَيْتَيْنِ فَأَجِزْهُمَا
سَأَلْتُ الْمُحِبِّينَ الَّذِينَ تَجَشَّمُوا ... أَعَاجِيبَ هَذَا الْحُبِّ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ