يَا هَذَا الْعُزْلَة تجمع الْهم والمخالطة نهابة الْهوى مرضع كثير التَّخْلِيط فَهَذَا طِفْل قَلْبك كثير الْمَرَض عجل فطامه وَقد صَحَّ الْعُزْلَة والقناعة وَالصَّبْر والعفة والتواضع عقاقير كيمياء النجَاة يبلغن بمستعملهن مرتبَة الْغنى والحرص والشره وَالْغَضَب وَالْعجب وَالْكبر كلهم مجانين فِي مارستان الْعقل وَهُوَ الْقيم عَلَيْهِم فليتحذر الْغَفْلَة عَنْهُم فَإِنَّهُ إِن أفلت مَجْنُون حل البَاقِينَ
يَا هَذَا حصن السَّلامَة الْعُزْلَة أقل مَا فِي الْخُرُوج مِنْهُ من الْأَذَى مصادمة الْهَوَاء الْمُخْتَلف المهاب فِي بادية الشَّهَوَات وَقد عقبته جنوب المجانبة للصَّوَاب فَصَارَ وباء وَإِيَّاك أَن تتعرض لهواء الوبي مغترا بِصِحَّة مزاجك فَإنَّك إِن سلمت من فضول الْفِتَن من التّلف لم تأمن زكمة وَمَتى تمكنت زكمة الهمة لم تشم الْفَضَائِل
(يَا قلب الْأُم لَا يُفِيد النصح ... عمر ولى وَقد توالى الْقبْح)
(جرح دَامَ وَقد تبدى جرح ... مَا تشعر بالخمار حَتَّى تصحو)
لما انقشع غيم الْغَفْلَة عَن عُيُون أهل الْيَقِين لَاحَ لَهُم هِلَال الْهدى فِي صحراء الْيَقَظَة فبيتوا نِيَّة الصَّوْم عَن الْهوى على عزم عزفت نَفسِي عَن الدُّنْيَا دخل مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ على عمر بن عبد الْعَزِيز وَقد غَيره الزّهْد فَأنكرهُ فَقَالَ يَا ابْن كَعْب فَكيف لَو رَأَيْتنِي بعد ثَلَاثَة أَيَّام فِي قَبْرِي
(لم تبْق فيهم حرارات الْهوى وجوى ... الأحزان غير خيالات وأشباح)
(تكَاد تنكرهم عين الْخَبِير بهم ... لَوْلَا تردد أنفاس وأرواح)
كَانَ وهيب بن الْورْد قد نحل من التَّعَبُّد فَكَانَت خضرَة البقل تبين تَحت جلدَة بَطْنه
للمهيار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute