(فصل الْألف والشين)
[اشْترى] : كل من ترك شَيْئا وَتمسك بِغَيْرِهِ فقد اشْتَرَاهُ
وَمِنْه: {اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى}
الِاشْتِقَاق: هُوَ أَخذ شقّ الشَّيْء، وَالْأَخْذ فِي الْكَلَام وَفِي الْخُصُومَة يَمِينا وَشمَالًا
وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ اقتطاع فرع من أصل يَدُور فِي تصاريفه حُرُوف ذَلِك الأَصْل
وَقيل: هُوَ أَخذ كلمة من أُخْرَى بتغيير مَا مَعَ التناسب فِي الْمَعْنى
وَقيل: هُوَ رد كلمة إِلَى أُخْرَى لتناسبهما فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى
وَهُوَ من أصل خَواص كَلَام الْعَرَب، فَإِنَّهُم أطبقوا على أَن التَّفْرِقَة بَين اللَّفْظ الْعَرَبِيّ والعجمي بِصِحَّة الِاشْتِقَاق
قَالَ ابْن عُصْفُور: لَا يدْخل الِاشْتِقَاق فِي سِتَّة أَشْيَاء وَهِي: الْأَسْمَاء الأعجمية: ك (اسماعيل)
والأصوات ك (غاق)
والأسماء المتوغلة فِي الْإِبْهَام ك (من) و (مَا)
والبارزة ك (طُوبَى) اسْم للنعمة
(واللغات المتقابلة ك (الجون) للأبيض وَالْأسود
(والأسماء الخماسية ك (سفرجل)
وَجَاز الِاشْتِقَاق من الْحُرُوف وَقد قَالُوا: (أنعم لَهُ بِكَذَا) أَي قَالَ لَهُ: نعم
وسوفت: الرجل: أَي قلت لَهُ: سَوف أفعل
وَسَأَلْتُك الْحَاجة فلوليت لي أَي: قلت لي: لَوْلَا
وَلَا لَيْت لي: أَي قلت لي: لالا، وَأَشْبَاه ذَلِك
ومحال أَن يشتق الأعجمي من الْعَرَبِيّ أَو بِالْعَكْسِ، لِأَن اللُّغَات لَا تشتق الْوَاحِدَة مِنْهَا من الْأُخْرَى، مواضعة كَانَت فِي الأَصْل أَو إلهاما، وَإِنَّمَا يشتق فِي اللُّغَة الْوَاحِدَة بَعْضهَا من بعض، لِأَن الِاشْتِقَاق نتاج وتوليد، ومحال أَن تنْتج النوق إِلَّا حورانا، وتلد الْمَرْأَة إِلَّا إنْسَانا؛ وَمن اشتق الأعجمي من الْعَرَبِيّ كَانَ كمن ادّعى أَن الطير من الْحُوت
والاشتقاق يعم الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، ك (النَّاطِق) الْمَأْخُوذ من (النُّطْق) بِمَعْنى التَّكَلُّم حَقِيقَة، وَبِمَعْنى الدَّال مجَازًا؛ وَمن قَوْلهم: (الْحَال ناطقة بِكَذَا) أَي دَالَّة عَلَيْهِ، فَاسْتعْمل النُّطْق فِي الدّلَالَة مجَازًا ثمَّ اشتق مِنْهُ اسْم الْفَاعِل
وَقد لَا يشتق من الْمجَاز، كالأمر [أَي لفظ الْأَمر] بِمَعْنى الْفِعْل مجَازًا لَا يشتق مِنْهُ اسْم فَاعل وَلَا اسْم مفعول، ويشتقان من الْأَمر بِمَعْنى القَوْل حَقِيقَة
وأركانه أَرْبَعَة: الْمُشْتَقّ والمشتق مِنْهُ والمشاركة بَينهمَا فِي الْمَعْنى والحروف، والتغيير؛ فَإِن فَقدنَا التَّغْيِير لفظا حكمنَا بالتغيير تَقْديرا؛ وَلَيْسَ من شَرط الِاسْم الْمُشْتَقّ اتصاف الذَّات بالمشتق مِنْهُ، بِدَلِيل أَن الْمَعْلُوم مُشْتَقّ من الْعلم، وَالْعلم لَيْسَ قَائِما بالمعلوم، وَشرط صدق الْمُشْتَقّ حُصُول الْمُشْتَقّ مِنْهُ فِي الْحَال
وَجَوَاز صدق الْمُشْتَقّ مَعَ انْتِفَاء مَأْخَذ الِاشْتِقَاق، كَمَا يذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة القائلة بِأَن الله تَعَالَى عَالم لَا علم لَهُ فَلَيْسَ بمرضي عِنْد الْمُحَقِّقين، بِدَلِيل أَن من كَانَ كَافِرًا ثمَّ أسلم فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بِكَافِر، فَدلَّ على أَن بَقَاء الْمُشْتَقّ مِنْهُ شَرط فِي صدق الِاسْم الْمُشْتَقّ، وَوُجُود معنى الْمُشْتَقّ مِنْهُ