للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيكْتب الْمنون الْمَنْصُوب بِالْألف، وَغير الْمَنْصُوب بالحذف، إِذْ الْوَقْف كَذَلِك

( [الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] )

وَالْألف على ضَرْبَيْنِ: لينَة ومتحركة فاللينة تسمى ألفا، والمتحركة تسمى همزَة

قَالَ بَعضهم: الْألف إِذا تحركت صَارَت همزَة، والهمزة إِذا سكنت ومدت صَارَت ألفا، وَلِهَذَا شبهوهما بالهواء وَالرِّيح وَقد نظمت فِيهِ:

(كألف يُرِيك الدَّهْر فِي أعين الورى ... وَلَو شَاءَ يبدى للعيون كهمزة)

(فكم من سُكُون مد بِالرِّيحِ كالهوا ... إِلَيْك فكم فِي الْغَيْب عون بنصرة)

وَذكر ابْن جني فِي " سر الصِّنَاعَة " أَن الْألف فِي الأَصْل اسْم الْهمزَة، واستعمالهم إِيَّاهَا فِي غَيرهَا توسع

وَاتفقَ العارفون بِعلم الْحُرُوف على أَن الْألف لَيست بِحرف تَامّ، بل هِيَ مَادَّة جَمِيع الْحُرُوف، فَإِن الْحَرْف التَّام هُوَ الَّذِي يتَعَيَّن لَهُ صُورَة فِي النُّطْق وَالْكِتَابَة مَعًا، وَالْألف لَيست كَذَلِك، فَإِن صورتهَا تظهر فِي الْخط لَا فِي النُّطْق، عكس الْهمزَة، فَإِن الْهمزَة تظهر صورتهَا فِي النُّطْق لَا فِي الْخط فمجموع الْهمزَة وَالْألف عِنْدهم حرف وَاحِد

وَالْألف إِن كَانَت حَاصِلَة من إشباع الحركات كَانَت مصوتة، وَإِلَّا فَهِيَ صامتة، سَوَاء كَانَت متحركة أَو سَاكِنة وَالْألف إِذا كَانَت صامتة تسمى همزَة

والمصوتة، هِيَ الَّتِي تسمى فِي النَّحْو حُرُوف الْمَدّ واللين، وَلَا يُمكن الِابْتِدَاء بهَا، والصامتة مَا عَداهَا والمصوتة لَا شكّ أَنَّهَا من الهيئات الْعَارِضَة للصوت، والصوامت فِيهَا مَا لَا يُمكن تمديده كالباء وَالتَّاء وَالدَّال والطاء، وَهِي لَا تُوجد إِلَّا فِي الْآن الَّذِي هُوَ آخر زمَان حبس النَّفس وَأول زمَان إرْسَاله، وَهِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّوْت كالنقطة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخط والآن بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان

وَهَذِه الْحُرُوف لَيست بِأَصْوَات وَلَا عوارض فِي أصوات، وَإِنَّمَا هِيَ أُمُور تحدث فِي مبدإ حُدُوث الْأَصْوَات

وَإِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: لَا خلاف فِي أَن السَّاكِن إِذا كَانَ حرفا مصوتا لم يُمكن الِابْتِدَاء بِهِ، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الِابْتِدَاء بالساكن الصَّامِت، فقد منع إِمْكَان الِابْتِدَاء بِهِ قوم للتجرية، وَجوزهُ الْآخرُونَ

قَالَ الْعَلامَة الكافيجي: " وَالْحق هَهُنَا هُوَ التَّفْصِيل بِأَن يُقَال: إِن كَانَ السّكُون للساكن لَازِما لذاته فَيمْتَنع كالألف، وَإِلَّا فَيمكن؛ لكنه لم يَقع فِي كَلَامهم لِسَلَامَةِ لغتهم من كل لَكِن وبشاعة وَحقّ ألف الْوَصْل الدُّخُول فِي الْأَفْعَال نَحْو: (انْطلق) و (اقتدر) ؛ وَأما الْأَسْمَاء الَّتِي لَيست بِجَارِيَة على أفعالها فألف الْوَصْل غير دَاخِلَة عَلَيْهَا، إِنَّمَا دخلت على أَسمَاء قَليلَة، وجعلوها فِي الْأَسْمَاء الْعشْرَة عوضا عَن اللَّام المحذوفة حَتَّى احتاجوا فِي (امْرِئ) إِلَى حمله على (ابْن) بِجَامِع أَن لامه همزَة ويلحقها الْحَذف فَيُقَال (مر) و (بن) فَجعل همزَة الْوَصْل فِي (اسْم) عوضا عَن الصَّدْر دون الْعَجز، خلاف مَا عهد فِي كَلَامهم من نَظَائِره

وهمزة الْوَصْل مَا عدا الْأَسْمَاء الْعشْرَة: همزَة

<<  <   >  >>