وَمن شَرط الِالْتِفَات أَن يكون الضَّمِير فِي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ عَائِدًا فِي نفس الْأَمر إِلَى الْمُنْتَقل عَنهُ، وَأَن يكون فِي جملتين]
وَلَا الْتِفَات فِي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة كَمَا ظن، لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته كاسم وَاحِد فَلَا يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْخطاب بِإِدْخَال (يَا) عَلَيْهِ، إِلَّا بعد ارتباط الصِّلَة بِهِ وعود ضمير الصِّلَة إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة غَائِب، إِذْ الِاسْم الظَّاهِر من قبيل الْغَيْب مَا لم يدْخل عَلَيْهِ مَا يُوجب الْخطاب، فَمُقْتَضى الظَّاهِر أَن يكون الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهِ من الصِّلَة ضمير غيبَة، فلاحقه مُوَافق لسابقه؛ والالتفات لَا بُد فِيهِ من الْمُخَالفَة بَينهمَا، وَكَذَا الِالْتِفَات بَين (الَّذين آمنُوا) وَبَين (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة) لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته لما صَار بورود حرف الْخطاب عَلَيْهِ معنى مُخَاطبا اقْتضى الظَّاهِر أَن يكون الْعَائِد إِلَيْهِ فِي هَذِه الْحَالة ضمير خطاب ليُوَافق سابقه فِي الْخطاب والتجريد، بِجَامِع الْكِنَايَة، دون الِالْتِفَات، لِأَن الِالْتِفَات يَقْتَضِي اتِّحَاد الْمَعْنيين، والتجريد يغايرهما؛ وَلِأَن التَّجْرِيد مِمَّا يتَعَلَّق بِمَفْهُوم اللَّفْظ
والالتفات: نقل الْكَلَام من أسلوب إِلَى أسلوب وَهُوَ نقل معنوي لَا لَفْظِي فَقَط فبينهما عُمُوم وخصوص وَجْهي، وَكَذَا وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِالْتِفَات
والعدول من أسلوب إِلَى آخر أَعم من الِالْتِفَات، كَمَا فِي الرّفْع وَالنّصب المعدول إِلَيْهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ عَامل المنعوت، وسنشبعك من الْبَيَان فِي بحث " التَّجْرِيد " إِن شَاءَ الله تَعَالَى
[وَمن الِالْتِفَات نقل الْكَلَام من خطاب الْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى:{قَالُوا أجئتنا لتلفتنا} إِلَى قَوْله: {وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض}