اسمية أَو فعلية ماضوية فَالْمَعْنى على الاستقبالية
وَلَكِن قد يسْتَعْمل (إِن) فِي غير الِاسْتِقْبَال قِيَاسا إِذا كَانَ الشَّرْط لفظ (كَانَ) ، إِذْ قد نَص الْمبرد والزجاج على أَن (إِن) لَا تقلب (كَانَ) إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال ومجيء (إِن) للشّرط فِي الْمُضِيّ مطرد مَعَ (كَانَ) نَحْو: {إِن كُنْتُم فِي ريب} ، وَمَعَ الْوَصْل نَحْو: (زيد بخيل وَإِن كثر مَاله) ، وَمَعَ غَيرهمَا قَلِيل كَقَوْلِه:
(فيا وطني إِن فَاتَنِي بك سَابق)
وَقد يُؤْتى بِالشّرطِ مَعَ الْجَزْم بِعَدَمِ وُقُوعه إِقَامَة للحجة بِقِيَاس بَين، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل بئْسَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ إيمَانكُمْ إِن كُنْتُم مُؤمنين} أَي: إِن كُنْتُم مُؤمنين بِالتَّوْرَاةِ فبئس مَا يَأْمُركُمْ بِهِ إيمَانكُمْ، لِأَن الْمُؤمن يَنْبَغِي أَن لَا يتعامل إِلَّا بِمَا يَقْتَضِيهِ إيمَانه، لَكِن الْإِيمَان بِالتَّوْرَاةِ لَا يَأْمر بِهِ فَإِذن لَسْتُم بمؤمنين
وَقَول النَّحْوِيين إِن (إِن) إِذا دخل على الْمَاضِي يصيره مُسْتَقْبلا عكس (لَو) ينْتَقض بقوله تَعَالَى: {إِن كنت قلته فقد عَلمته}
[قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِن قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَت لكبيرة} تَأْكِيد يشبه الْيَمين، أَي: وَقد كَانَت، وَلذَلِك دخلت اللَّام فِي الْجَواب]
و (إِن) لَا تسْتَعْمل فِي خطر، بِخِلَاف (كلما) فَإِنَّهَا قد تسْتَعْمل فِي الْأُمُور الكائنة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ} إِلَى آخِره
ونضج الْجُلُود كَائِن لَا محَالة، وَلما كَانَت (إِن) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي خطر وَالشّرط هُوَ مَا يكون فِي خطر ف (إِن) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الشَّرْط
قَالَ بَعضهم: وَقع فِي الْقُرْآن (إِن) بِصِيغَة الشَّرْط وَهُوَ غير مُرَاد فِي سِتَّة مَوَاضِع: {إِن أردن تَحَصُّنًا} ، {إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} {وَإِن كُنْتُم على سفر} ، {إِن ارتبتم فعدتهن} {إِن خِفْتُمْ} {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك إِن أَرَادوا إصلاحا} أَنى ك (حَتَّى) : استفهامية بِمَعْنى (كَيفَ) نَحْو: {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا}
أَو بِمَعْنى (أَيْن) نَحْو: {أَنى لَك هَذَا}
وَترد أَيْضا بِمَعْنى (مَتى) و (حَيْثُ)
وَيحْتَمل الْكل قَوْله تَعَالَى: {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} لَكِن لما كَانَت كلمة (أَنى) مُشْتَركَة فِي معنيي (كَيفَ) و (أَيْن) وأشكل الْإِتْيَان فِي الْآيَة تأملنا فِيهِ فَظهر أَنه بِمَعْنى (كَيفَ) لقَرِينَة الْحَرْث، وَالَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان وَغَيره أَنَّهَا فِي هَذِه الْآيَة شَرْطِيَّة حذف جوابها لدلَالَة مَا قبلهَا عَلَيْهِ