للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أول لَهُ وأبدي لَا آخر لَهُ، بل هُوَ الآخر الَّذِي يرجع إِلَيْهِ الموجودات فِي سلسلة الترقي أَو فِي سلوك السالكين

[وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: لَا معنى لكَونه تَعَالَى قبل الْعَالم إِلَّا أَنه كَانَ وَلَا شَيْء سواهُ، وَلَا معنى لكَون الْعَالم بعده إِلَّا أَنه لم يكن مَعَه تَعَالَى ثمَّ كَانَ، وَإِلَّا فَلَو كَانَ الرب قبل الْعَالم بِالزَّمَانِ، وَالزَّمَان من الْعَالم، يلْزم أَن يكون مُتَقَدما على الزَّمَان بِالزَّمَانِ وَهُوَ محَال

وَأَيْضًا لَيْسَ وجود الْبَارِي وجودا زمانيا، فَلَا يكون قبل الزَّمَان، كَمَا أَنه لما لم يكن وجوده وجودا مكانيا لم يكن قبل الْمَكَان، فسبحان من لَا تحد أزليته بمتى، وَلَا تقيد أبديته بحتى، وَهُوَ قيوم أزلي ديوم سرمدي إِن قلت أَيْن فقد سبق الْمَكَان، وَإِن قلت مَتى فقد تقدم الزَّمَان، وَإِن قلت كَيفَ فقد جَاوز الْأَشْبَاه والأمثال والأقران، وَإِن طلبت الدَّلِيل فقد غلب الْخَبَر العيان، وَإِن رمت الْبَيَان فذرات الكائنات لَهُ بَيَان وبرهان]

وَالْأول فِي حَقنا: هُوَ الْفَرد السَّابِق، وَالْأول إِنَّمَا يتَوَقَّف على آخر إِذا صَحَّ اجْتِمَاع الآخر مَعَ الأول، فَإِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: (هَذِه طَالِق وَطَالِق) وَقع الأول ولغا الثَّانِي لعدم الْمحل، وَإِن كَانَ قد جمع بَينهمَا بِحرف الْجمع لعدم تغير أَوله بِآخِرهِ فَلم يتَوَقَّف على الآخر وَكَذَا قَوْله لشَرِيكه فِي صَغِير: (هُوَ ابْني وابنك) فَإِنَّهُ يكون ابْنا للْأولِ وَلم يتَوَقَّف أَوله على آخِره، لِأَن النّسَب لَا يحْتَمل الشّركَة فَلَا يتَغَيَّر بِهِ الْكَلَام، وَلِأَنَّهُ إِقْرَار على الْغَيْر، وَإِنَّمَا يُضَاف إِلَيْهِمَا إِذا ادّعَيَا مَعًا لعدم الْأَوْلَوِيَّة وَالنّسب حَقِيقَة من أَحدهمَا

وَنصب (أَولا) فِي قَوْلنَا: (أَولا وبالذات) على الظَّرْفِيَّة بِمَعْنى (قبل) وَهُوَ منصرف حِينَئِذٍ لعدم الوصفية مَعَ أَنه (أفعل) تَفْضِيل فِي الأَصْل بِدَلِيل (الأولى) و (الْأَوَائِل) ، و (بِالذَّاتِ) عطف على (أَولا) وَالْبَاء بِمَعْنى (فِي) أَي فِي ذَات الْمَعْنى بِلَا وَاسِطَة

الأولى: بِالْفَتْح وَاحِد الأوليان، وَالْجمع الْأَولونَ، وَالْأُنْثَى الوليا، وَالْجمع الوليات

وَالْأولَى: يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الْجَوَاز، كَمَا أَن الصَّوَاب فِي مُقَابلَة الْخَطَأ

وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {فَأولى لَهُم} : فويل لَهُم، دُعَاء عَلَيْهِم بِأَن يليهم الْمَكْرُوه، أَو يؤول إِلَيْهِ أَمرهم، فَإِنَّهُ (أفعل) من (الولى) أَو (فعلى) من (آل)

الأوب: لَا يُقَال هَذَا إِلَّا فِي الْحَيَوَان الَّذِي لَهُ إِرَادَة وَالرُّجُوع أَعم

وَتَابَ إِلَى الله: رَجَعَ إِلَيْهِ

وَتَابَ الله عَلَيْهِ: وَفقه للتَّوْبَة، أَو رَجَعَ بِهِ من التَّشْدِيد إِلَى التَّخْفِيف، أَو رَجَعَ عَلَيْهِ بفضله وقبوله، وَهُوَ التواب على عباده

<<  <   >  >>