للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعدى الْفِعْل إِلَى الْمحل، فَيلْزم استيعابه دون الْآلَة، فَيكون الْمسْح بِبَعْض الْيَد

الْبَيَان: فِي الأَصْل مصدر (بَان الشَّيْء) بِمَعْنى تبين وَظهر، أَو اسْم من (بَين) كالسلام وَالْكَلَام، من (كلم) و (سلم) ثمَّ نَقله الْعرف إِلَى مَا يتَبَيَّن بِهِ من الدّلَالَة وَغَيرهَا؛ وَنَقله الِاصْطِلَاح إِلَى الفصاحة وَإِلَى ملكة أَو أصُول يعرف بهَا إِيرَاد الْمَعْنى الْوَاحِد فِي صور مُخْتَلفَة

وَقيل: الْبَيَان ينْطَلق على تَبْيِين، وعَلى دَلِيل يحصل بِهِ الْإِعْلَام على علم يحصل مِنْهُ الدَّلِيل

وَالْبَيَان أَيْضا: هُوَ التَّعْبِير عَمَّا فِي الضَّمِير، وإفهام الْغَيْر وَقيل: هُوَ الْكَشْف عَن شَيْء وَهُوَ أَعم من النُّطْق؛ وَقد يُطلق على نفس التَّبْلِيغ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم} [وَالْبَيَان قد يكون بالمفعل كَمَا يكون بالْقَوْل، وَهُوَ على خَمْسَة أوجه عرف ذَلِك بالاستقراء وَوجه الْحصْر هُوَ أَن الْبَيَان لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بالمنطوق أَو غَيره الثَّانِي: بَيَان الضَّرُورَة، وَالْأول إِمَّا أَن يكون الْمُبين مَفْهُوم الْمَعْنى بِدُونِ الْبَيَان أَولا.

الثَّانِي: بَيَان التَّقْرِير، وَالْأول لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بَيَانا لِمَعْنى الْكَلَام أَو للازم لَهُ كالمدة.

الثَّانِي: بَيَان التبديل؛ وَالْأول إِمَّا أَن يكون بِلَا تَغْيِير أَو مَعَه

الثَّانِي: بَيَان التَّغْيِير وَالْأول بَيَان التَّفْسِير

أما بَيَان التَّقْرِير: فَهُوَ توكيد الْكَلَام بِمَا يقطع احْتِمَال الْمجَاز والتخصيص، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ} قرر معنى الْعُمُوم من الْمَلَائِكَة بِذكر الْكل حَتَّى صَارَت بِحَيْثُ لَا يحْتَمل التَّخْصِيص وَكَقَوْلِه: {وَلَا طَائِر يطير بجناحيه} فَإِن قَوْله: (يطير بجناحيه) تَقْرِير لموجب الْكَلَام وَحَقِيقَته قطعا، لاحْتِمَال الْمجَاز، إِذْ يُقَال: الْمَرْء يطير بهمته، وَيُقَال للبريد طَائِر لإسراعه فِي مَشْيه

وَأما بَيَان التَّفْسِير: فَهُوَ بَيَان مَا فِيهِ خَفَاء من الْمُشْتَرك أَو الْمُشكل أَو الْمُجْمل أَو الْخَفي

وَأما بَيَان التَّغْيِير: فَهُوَ تَغْيِير مُوجب الْكَلَام نَحْو التَّعْلِيق وَالِاسْتِثْنَاء والتخصيص

وَأما بَيَان التبديل: فَهُوَ النّسخ، والنسخ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى بَيَان لمُدَّة الحكم الأول، لَا رفع وتبديل؛ وبالنسبة إِلَيْنَا بتبديل كَالْقَتْلِ، فَإِنَّهُ بَيَان مَحْض للأجل فِي حَقه تَعَالَى؛ لِأَن الْمَقْتُول ميت بأجله، وَفِي حَقنا تَبْدِيل للحياة بِالْمَوْتِ، لِأَن ظَاهره الْحَيَاة لَوْلَا مُبَاشرَة قَتله

وَأما بَيَان الضَّرُورَة: فَهُوَ نوع بَيَان يَقع بِغَيْر مَا يوضع لَهُ لضَرُورَة مَا، إِذْ الْمَوْضُوع لَهُ النُّطْق، وَهَذَا يَقع بِالسُّكُوتِ، فَهِيَ على أَرْبَعَة أوجه عرف ذَلِك بالاستقراء: الأول: مَا يعلم بمعونة الْمَنْطُوق لَا بِمُجَرَّد السُّكُوت كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} أضيف الْإِرْث إِلَيْهِمَا ثمَّ خص الْأُم بِالثُّلثِ فَكَانَ بَيَانا أَن للْأَب مَا بَقِي، وَهَذَا الْبَيَان لم يحصل بمحض السُّكُوت عَن نصيب الْأَب، بل بصدر الْكَلَام الْمُوجب للشَّرِكَة،

<<  <   >  >>