للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ السكاكي: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم شَيْئا ذَا جزأين أَو أَكثر، ثمَّ يضيف إِلَى كل وَاحِد من أَجْزَائِهِ مَا هُوَ لَهُ، وَقيل: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معتددا أَو مَا هُوَ فِي حكم المتعدد، ثمَّ يذكر لكل وَاحِد من المعتددات حكمه على التَّعْيِين، وَالْكل رَاجع إِلَى مَقْصُود وَاحِد

التَّضْمِين: هُوَ إشراب معنى فعل لفعل ليعامل مُعَامَلَته وَبِعِبَارَة أُخْرَى: هُوَ أَن يحمل اللَّفْظ معنى غير الَّذِي يسْتَحقّهُ بِغَيْر آلَة ظَاهِرَة

وَالْعدْل: هُوَ أَن تُرِيدُ لفظا فتعدل عَنهُ إِلَى غَيره ك (عمر) من (عَامر) والمعدول عَن اللَّام يجوز إظهارها مَعَه، وَلذَلِك أعرب، والمتضمن لَهَا لَا يجوز إظهارها مَعَه كأسماء الِاسْتِفْهَام وَالشّرط المتضمنة معنى الْحَرْف وَلذَلِك بني التَّضْمِين ثمَّ الْأَسْمَاء المتضمنة للحرف على ثَلَاثَة أضْرب: ضرب: لَا يجوز إِظْهَار الْحَرْف مَعَه نَحْو (من) و (كم) فِي الِاسْتِفْهَام فَلَا يُقَال: (أَمن) وَلَا (أكم) حذار التّكْرَار فيبنى لَا محَالة

وَضرب: يكون الْحَرْف المتضمن مرَادا كالمنطوق بِهِ، لَكِن عدل عَن النُّطْق بِهِ إِلَى النُّطْق بِدُونِهِ، فَكَأَنَّهُ ملفوظ بِهِ، وَلَو كَانَ ملفوظا بِهِ لما يبْنى الِاسْم، وَكَذَلِكَ إِذا عدل عَن النُّطْق بِهِ

وَضرب: وَهُوَ الْإِضَافَة والظرف إِن شِئْت أظهرت الْحَرْف، وَإِن شِئْت لم تظهر، نَحْو: (قُمْت الْيَوْم) و (قُمْت فِي الْيَوْم) فَلَمَّا جَازَ إِظْهَاره لم يبن

قَالَ بَعضهم: التَّضْمِين: هُوَ أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ فِي مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ، وَهُوَ الْمَقْصُود أَصَالَة، لَكِن قصد تبعيته معنى آخر يُنَاسِبه من غير أَن يسْتَعْمل فِيهِ ذَلِك اللَّفْظ أَو يقدر لَهُ لفظ آخر، فَلَا يكون التَّضْمِين من بَاب الْكِنَايَة، وَلَا من بَاب الْإِضْمَار بل من قبيل الْحَقِيقَة الَّتِي قصد بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ معنى آخر يُنَاسِبه ويبتعه فِي الْإِرَادَة

وَقَالَ بَعضهم: التَّضْمِين: إِيقَاع لفظ موقع غَيره لتَضَمّنه مَعْنَاهُ، وَهُوَ نوع من الْمجَاز، وَلَا اخْتِصَاص للتضمين بِالْفِعْلِ، بل يجْرِي فِي الِاسْم أَيْضا قَالَ التَّفْتَازَانِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض} لَا يجوز تعلقه بِلَفْظَة (الله) لكَونه اسْما لَا صفة، بل هُوَ مُتَعَلق بِالْمَعْنَى الوصفي الَّذِي ضمنه اسْم (الله) كَمَا فِي قَوْلك: (هُوَ حَاتِم من طي) على تضمين معنى الْجواد

وجريانه فِي الْحَرْف ظَاهر فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة} فَإِن (مَا) تضمن معنى (إِن) الشّرطِيَّة وَلذَلِك لزم جزم الْفِعْل

وكل من الْمَعْنيين مَقْصُود لذاته فِي التَّضْمِين، إِلَّا أَن الْقَصْد إِلَى أَحدهمَا وَهُوَ الْمَذْكُور بِذكر مُتَعَلقَة يكون تبعا للْآخر وَهُوَ الْمَذْكُور بِلَفْظِهِ وَهَذِه التّبعِيَّة فِي الْإِرَادَة من الْكَلَام فَلَا يُنَافِي كَونه مَقْصُودا لذاته فِي الْمقَام؛ وَبِه يُفَارق التَّضْمِين الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، فَإِن كلا من الْمَعْنيين فِي صُورَة الْجمع مُرَاد من الْكَلَام لذاته، مَقْصُود فِي الْمقَام أَصَالَة، وَلذَلِك اخْتلف فِي صِحَّته مَعَ الِاتِّفَاق فِي صِحَة التَّضْمِين

والتضمين سَمَاعي لَا قياسي، وَإِنَّمَا يذهب إِلَيْهِ

<<  <   >  >>